اراء و أفكـار

تنظيم يتهاوى وجرائمه تتصاعد

كيف يمكن الجمع بين متناقضين في المشهد الحالي في إطار الحرب على تنظيم «داعش»، فهناك تنظيم يتهاوى بفعل الضربات التي وجهت، وتوجه إليه في أكثر من بؤرة ساخنة، كالعراق وسوريا ولبنان وغيرها، لكن جرائمه تتزايد باستمرار وتصل إلى أوروبا، وإلى أماكن أخرى من العالم؟ ما معنى أن يكون ل«داعش» هذه الإمكانية لارتكاب مزيد من الجرائم في أكثر من مكان، رغم أن نفوذه يتلاشى وينحسر في المنطقة التي أنشب مخالبه الإجرامية فيها لسنوات؟
أسئلة تفرضها التطورات التي نشاهدها اليوم في مناطق مختلفة من العالم، فالتنظيم تبنى عملية الدهس التي استهدفت مدينة برشلونة الإسبانية، الخميس الماضي، وقبلها تبنى عمليات مشابهة في لندن وباريس وبرلين، ما يعني أن التنظيم لا يزال بإمكانه تنفيذ عمليات إرهابية في أكثر من مكان.
هل يمكن أن يثير هذا الأمر الشكوك حول مصدر قوة هذا التنظيم، وما إذا كانت هناك جهات خارج الصورة تعمل على حقن التنظيم المنهار بإمكانات إضافية إثر الهزائم التي تعرض لها في العراق وسوريا؟ والسؤال سيكون مشروعاً وطبيعياً إذا ما وجهت الأصابع إلى «إسرائيل» التي تبدو الناجي الوحيد من العمليات الإرهابية التي يرتكبها التنظيم منذ نشوئه حتى اليوم.
دعوا الصورة تكون أكثر وضوحاً.. هل بالإمكان الحديث عن دعم «إسرائيلي» صريح للتنظيم الذي يتنفس في أوروبا بشكل أكبر في الوقت الحاضر، حتى يمكنه إعادة ترتيب أموره في منطقة الشرق الأوسط، بعد أن تعرض لكثير من الانتكاسات المتتالية في الموصل، والرقة، وتدمر، وغيرها من المدن العراقية والسورية، إضافة إلى الحصار الذي يتعرض له في كل من مصر وليبيا واليمن؟

يجب عدم الاستهانة بالدور الذي تقوم به «إسرائيل» لحقن التنظيم بما يلزم ليبقى بعبعاً يهدد أمن واستقرار الدول العربية والإسلامية، وأيضاً أوروبا، فهذا الدور يبدو واضحاً للعيان ولا يحتاج إلى أدلة، أو براهين.
هذه العلاقة المريبة بين «إسرائيل» و«داعش»، كشفها تقرير صادر عن الأمم المتحدة قبل أشهر، أشار إلى أن «قوات الدفاع «الإسرائيلي»» لها اتصالات منتظمة بأعضاء في تنظيم «داعش» منذ مايو/أيار 2013، إضافة إلى معلومات تشير إلى «احتفاظ جيش الدفاع «الإسرائيلي»» بعلاقات مباشرة مع التنظيم التي بموجبها يقوم بتقديم الرعاية الطبية لمقاتليه.
أكثر من ذلك، يكشف المحلل الأمريكي كيفين باريت، المتخصص في الدراسات الإسلامية عن تفاصيل إضافية بقوله إن «داعش» هو صنيعة «إسرائيل»، وإنه يقاتل بالنيابة عنها من أجل القضاء على الدول والجماعات المعادية لها في المنطقة، وإشاعة الفوضى في هذه الدول، فيما يؤكد موقع «فيتراس توداي» الأمريكي، في تقرير له، أن المذابح التي ينفذها «داعش» مشابهة للمذابح التي يرتكبها الاحتلال «الإسرائيلي» في حق الفلسطينيين، ووصفه له ب«جيش من المرتزقة تابع «لإسرائيل»».
ستتكشف الحقائق في المستقبل حول الدور الذي أداه تنظيم «داعش» في المحنة التي نعيشها منذ سنوات عدة، وسنكتشف أن الكثير من التنظيمات الإسلامية تحولت، مع الأسف، إلى أدوات في أيدي أعداء العرب والمسلمين تحركها كيفما شاءت، وأينما تريد.

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة