اراء و أفكـار

مكافحة الإرهاب

يعقوب يوسف جبر

كمنت قوة العصابات الإرهابية في اتباعها اسلوب التخفي والاختباء ، وهذا الاسلوب من الصعب مواجهته ( الحرب السرية ) بالاساليب التقليدية عبر الحرب المباشرة باستخدام مفارز التفتيش والمداهمات ، فخلال سنوات متعددة مضت بعد حصول التغيير السياسي في العراق العام 2003 ، ونتيجة لذلك نشط دور عصابات الجريمة المنظمة ، التي مارست ابشع الاساليب الهمجية التي طالت الأبرياء ، وقد استفحل دور الارهاب في العراق بشكل كبير ، وتنامى خطره ليهدد العالم بأسره ، لذلك مست الحاجة إلى تعاون دولي وإقليمي ومحلي على مستوى الخطط والتطبيقات لمكافحة الإرهاب المنظم.
لكن وفق أسلوب جديد هو الاستدراج ، فما حصل العام 2014 من اجتياح لعدد من المحافظات العراقية من قبل عصابات داعش ، وانسحاب القوات الأمنية وهزيمة بعض قطعات الجيش والشرطة ، جعلنا في امس الحاجة الى تطبيق وتعزيز نظرية الاستدراج الحربي ، فعلى افتراض الاستمرار في اتباع الاسلوب المباشر في مكافحة الإرهاب فإنه سيظل يتنامى يوما بعد يوم وسنة بعد سنة ، ليشكل خطرا جسيما على دول المنطقة والعالم أجمع.
لذلك لابد من مواجهته بأسلوب مضاد تنطبق عليه بعض الأمثال منها ( استدرج النمر من الجبل إلى السهل) (أغلق الأبواب لتقبض على اللص) (استدرج إلى السقف ثم اسحب السلم ) هكذا بدت الخطة التي تجسدت العام 2014 ، وقد رافقها نشوء جيش رديف من الحشد الشعبي قلب العديد من التوازنات ، فرغم تمكن الإرهاب من احتلال ثلث الأراضي العراقية ، لكنه وقع في الفخ ، المتمثل بالخطة الجديدة لنسف الإرهاب من جذوره ، وبالفعل بدأت معركة تحرير الأرض من قبل القوات الأمنية والحشد الشعبي والعشائري وبدعم من التحالف الدولي ، لتحقق أهدافها تباعا خلال ثلاث سنوات على أمل تحقيق بقية الأهداف في مناطق أخرى لا يزال العدو الإرهابي متمسكا بها ، لأنه اختار الانتحار ، بعد أن أدرك أنه وقع في فخ الاستدراج ، وبعد أن بالغ أدعياؤه وعرابوه من تجار السياسة وشيوخ الفتنة وأشاعوا انه تمكن من بسط هيمنته وأن ما جرى هو ثورة وطنية ، لكن الواقع أمر آخر حيث انقلب
السحر على الساحر ، وتوالت هزائم الإرهاب يوما بعد يوم ، وأدرك داعموه أن الإرادة الوطنية الصلبة قد غيرت الموازين وحولت إرهابهم إلى رماد تطاير ، وذهبت أحلامهم أدراج
الرياح.
إن من يراهن على قوة الإرهاب واهم جدا ، فالإرهاب لم يكن أكثر من خيط عنكبوت واهن ، ستشهد الأيام اندحاره إلى الأبد ، بهمة الرجال الأقوياء ، أما ما يشاع هنا وهناك عبر وسائل الإعلام الخبيثة بأن الإرهاب ترسخت جذوره ، وأن آثاره ستظل ماثلة ، ما هو إلا جزء من الحرب النفسية التي تمارسها دوائر ودول لتحقيق أهدافها المغرضة.

نقلا عن “الصباح”

مقالات ذات صلة