اراء و أفكـار

معارك دبلوماسية بين موسكو وواشنطن

لم يكن طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بضرورة مغادرة 755 دبلوماسياً أمريكياً الأراضي الروسية مفاجئاً؛ لأنه يأتي في سياق أزمة دبلوماسية صامتة حيناً وعلنية حيناً آخر، بسبب تطورات في العلاقة بين الجانبين تمتد آثارها إلى ما قبل تولي الرئيس دونالد ترامب مقاليد الحكم في البيت الأبيض في شهر يناير/‏ كانون الثاني من العام الجاري.
بموجب القرار الروسي الأخير ينخفض عدد أفراد طواقم سفارة الولايات المتحدة وقنصلياتها العاملة في روسيا إلى 455 دبلوماسياً، خاصة أن أكثر من ألف شخص يتواجدون على الأراضي الروسية.
الموقف الجديد جاء على خلفية توتر قائم بين البلدين بشأن العقوبات الأخيرة التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد روسيا، والمرتبطة بقضية التدخل المزعوم في الانتخابات الأمريكية الأخيرة، حيث تُتهم روسيا بأنها تدخلت لصالح المرشح الجمهوري دونالد ترامب على حساب مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون.
الأزمة الأخيرة باعدت إلى حد كبير بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، حيث كانت تشير التوقعات إلى أن عهداً جديداً بين الدولتين العظميين، سينشأ بعد فوز ترامب، على خلفية التصريحات والمواقف الإيجابية التي كانت تصدر بين وقت وآخر منه ومن فريق إدارته خلال الحملات الانتخابية تجاه روسيا وبوتين على وجه التحديد، والموقف المساند الذي اتخذه ترامب ضد قرار الرئيس السابق باراك أوباما، بإقدامه على طرد 35 دبلوماسياً روسياً يعملون في الولايات المتحدة وإمهالهم 3 أيام للمغادرة، وإغلاق مجمعين روسيين في ماريلاند ونيويورك، قالت إدارة أوباما حينها إنهما كانا يستخدمان في أنشطة مرتبطة بالمخابرات.
يومها أعلنت إدارة أوباما أن الإجراءات الأمريكية تأتي رداً على مضايقة دبلوماسيين أمريكيين في روسيا وأنشطة لدبلوماسيين روس في أمريكا لا تتسق مع مسؤولياتهم، وهي إشارة إلى دور طالما نفته موسكو عن نفسها، ويتمثل في تدخلها في الانتخابات الرئاسية لترجيح كفة ترامب للفوز على كلينتون، إضافة إلى القيام بأعمال تجسس.
بعد الحديث عن دور مزعوم للاستخبارات الروسية في نتائج الانتخابات الأمريكية، توترت العلاقة بين واشنطن وموسكو بشكل كبير، خاصة أن وكالة المخابرات الأمريكية أعلنت أنها توصلت إلى نتيجة مضمونها أن الكرملين تدخل في الانتخابات الأمريكية للنيل من سمعة هيلاري كلينتون ومساعدة دونالد ترامب للفوز بالرئاسة، وهي قضية لا تزال تثير الكثير من الأسئلة عن حقيقة الدور الروسي في مساعدة ترامب على الوصول إلى البيت الأبيض، ولماذا لم يحفظ ترامب الجميل لروسيا إذا كان ذلك حقيقياً؟!.
مع ذلك فإن العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا تظل رهن الطريقة التي سيتعاطى معها الرئيسان بوتين وترامب، وعلى الرغم من أن أجواء إيجابية سادت لقاءات الرجلين في قمة العشرين التي استضافتها مدينة هامبورج الألمانية الشهر الماضي، ونتج عنها تفاهمات خاصة ما يتصل بالوضع في سوريا، إلا أن الرئيس الروسي يستبعد حصول تطورات إيجابية في العلاقة مع واشنطن في وقت قريب، فهو يقول إن الروس انتظروا طويلاً على أمل أن يتغير الوضع نحو الأفضل، إلا أن الوضع لم يتغير، ويبدو أنه لن يحصل في وقت قريب.

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة