روسيا ومصالح «إسرائيل»
(لا تفقد «إسرائيل» مصالحها في حضرة الكبار)، يمكن بهكذا توصيف الإشارة إلى أن «إسرائيل» تحظى بعناية واهتمام الدول الكبرى المتصارعة في منطقة الشرق الأوسط للحفاظ على مصالحها. وإذا كانت أمريكا واضحة في دعمها للكيان الصهيوني، فإن روسيا لا تبدي مثل هذا الانحياز الفاضح، إلا أن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، خضع للابتزاز «الإسرائيلي» بعدما أعلن قبل أيام أن روسيا وأمريكا ستحرصان على وضع مصالح «إسرائيل» في الاعتبار عند إقامة مناطق عدم تصعيد في سوريا، رغم معلومات كشفتها مصادر إعلامية «إسرائيلية» أشارت إلى عدم إدراج روسيا والولايات المتحدة قائمة مطالب تقدمت بها «إسرائيل» لاستيعابها في الاتفاق الخاص بين الجانبين.
لافروف رد على تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، التي أشار فيها إلى أن الترتيبات التي أقرتها الولايات المتحدة وروسيا، الخاصة بمبادرة وقف إطلاق النار في جنوبي سوريا تكرس الوجود الإيراني في المنطقة لذلك تعارضها «إسرائيل» تماماً.وكما راعت الولايات المتحدة الأمريكية مصالح «إسرائيل» في المنطقة منذ عشرات السنين، تريد موسكو التأكيد على أنها لا تقل حرصاً من واشنطن على مصالح الدولة العبرية، فالكل يتودد لها، ولا يريد إغضابها، لهذا جاءت تصريحات الوزير الروسي في سياق البرهنة على أن مصالح «إسرائيل» محمية من قبل الدولتين الكبريين.
خاضت روسيا الحرب إلى جانب نظام بشار الأسد، وهي تدرك حساسية «إسرائيل» لوجودها في المنطقة، لكن موسكو أرسلت أكثر من إشارة في فترات سابقة، تؤكد خلالها أن تدخلها إلى جانب نظام بشار الأسد لا يعني إضراراً بالمصالح «الإسرائيلية» في المنطقة، وأن المواقف الروسية لا تستهدف الوجود «الإسرائيلي» في منطقة الجولان السورية المحتلة.
ولم يشذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قاعدة التملق ل «إسرائيل»، فأعلن أكثر من مرة رضاه عن العلاقات بين روسيا والدولة العبرية، وأكد عزمه بذل الجهود قدماً بشكل نشط لتعزيز العلاقات الثنائية في كافة المجالات لصالح الطرفين بهدف تأمين الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط، وفق رسالة بعث بها بوتين إلى نتنياهو نهاية العام الماضي.
سياسة روسيا ومواقفها تجاه «إسرائيل» تعد امتداداً لمواقف الاتحاد السوفييتي السابق، الذي كان من أوائل الدول المؤيدة لتقسيم فلسطين، عندما اتخذ عام 1947 قراراً بدعم خطة التقسيم، بهدف مواجهة الخطة البريطانية، ثم اعترف الاتّحاد السوفييتي ب «إسرائيل» مباشرة بعد إعلانها دولة، وأقام معها علاقات دبلوماسية.
شهدت العلاقات الروسية «الإسرائيلية» مداً وجزراً، فقطعت العلاقة بينهما عام 1953، وعلى الرغم من استئنافها بعد أشهر، إلا أنها قطعت من جديد عام 1967، قبل أن تستعاد عام 1991، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
لم تتوقف صلات روسيا ب «إسرائيل» إذ إن بوتين قام بزيارتين لها عامي 2005 و2012، وبين عامي 2001 و2016، زار رؤساء الوزراء «الإسرائيليون» موسكو 13 مرة كان نصفها من نصيب نتنياهو.
صلات روسيا ب «إسرائيل» لم تتوقف ومصالحها معها لم ولن تتأثر، سواء قبل انخراط موسكو في صراع المنطقة أو بعده، لذلك حرص لافروف على طمأنة «إسرائيل» بأن مصالحها السياسية والعسكرية ستوضع بعين الاعتبار في أية تسويات أو ترتيبات في المنطقة.
نقلا عن “الخليج”