اراء و أفكـار

الموصل بداية النهاية

كشفت معركة تحرير الموصل بساحليها الأيمن والأيسر من قبضة تنظيم «داعش» الإرهابي، وسقوط عاصمة خلافته المزعومة، بعد معارك ضارية استغرقت تسعة شهور عن أن هذا التنظيم يمكن أن يهزم وأن الإرهاب لن يقدر على البقاء في أرض تلفظه وفي بيئة لا تريده، مهما رفع من شعارات إسلامية مموهة تغري بعض الجهلاء والرعاع وذوي النفوس المريضة المصابين بالهوس والمفتونين بالقوة ونوازع الشر.
كانت المعارك ضارية وصعبة بلا شك، ودارت في مدينة حوّلها الإرهاب إلى معقل مصفّح، بعد أن عمد إلى تلغيم الشوارع والأزقة والأبنية والساحات وحفر الخنادق والسراديب، ونشر القناصة حيث أمكن، وجهز مئات السيارات المفخخة وعشرات المقاتلين الانتحاريين من بينهم الأطفال والنساء، واتخذ من الأهالي وهم بمئات الآلاف دروعاً بشرية.
خاض الجيش العراقي ومختلف القوى الأمنية معارك ضارية، من شارع إلى شارع ومن بيت إلى بيت، وأحياناً من غرفة إلى غرفة وواجهت مقاومة شرسة من إرهابيين أشداء مدربين ومجهزين وقرارهم الموت وعدم الاستسلام، مع قيادة وسيطرة ظلت تعمل حتى لحظات الهزيمة النهائية، ما يعني أن هناك من قام بتزويد هذا التنظيم الإرهابي بنظام قيادة وسيطرة لا تملكه إلا دول قادرة ومتمكنة ولديها أجهزة تكنولوجية فائقة الدقة، إذ لم يتمكن الجيش العراقي طوال أيام المعارك من تفكيكها أو تعطيلها والفصل بين ساحات المعارك والقيادة ما يصيب مسلحي التنظيم بالارتباك والفوضى وعدم القدرة على اتخاذ القرار.
رغم كل ذلك، أبلت القوات العراقية بلاء حسناً، وبذلت جهداً مقدراً وقدمت تضحيات كبرى، وحررت المدينة من قبضة الإرهاب، وهدمت قلعة من قلاع الإفك والظلم والظلام، وأطاحت وهماً أقلق العالم، ومسحت عن وجه الدين الإسلامي بعض ما أصابه من تشويه وافتراء.
المدينة الحدباء، وأم الربيعين، وعربايا، وخولان، وهي بعض أسماء مدينة الموصل، عادت إلى أهلها بعد أن انتهك حرمتها الإرهاب، ومن مسجدها النوري أطل المدعو أبو بكر البغدادي ليعلن «دولته» ويسمي نفسه خليفة للمسلمين، وعندما حان وقت الحساب، اختفى أثراً بعد عين، وهرب من كل الساحات تاركاً جماعته للموت الزؤام الذي كان بانتظارهم، جزاء ما اقترفوا من جرائم وارتكبوا من آثام وموبقات بحق مئات آلاف الأبرياء.

ومع تحرير مدينة الموصل تطوى صفحة من صفحات هذه الحرب على الإرهاب لتفتح صفحات أخرى في غير مكان إيذاناً بالانتصار على إرهاب مصيره إلى زوال..

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة