اراء و أفكـار

المعارضة الإيرانية ومستقبلها

المؤتمر السنوي الذي أقامته المعارضة الإيرانية في العاصمة الفرنسية باريس، قبل ثلاثة أيام، كشف عن حراك سياسي في الخارج أكثر منه في الداخل، وذلك يعود إلى أمرين رئيسيين، يتمثل الأول في حجم القمع الذي تمارسه طهران على خصومها في الداخل ومنعهم من تنظيم تظاهرات، ما يضطر المعارضة إلى تنظيم مؤتمراتها وفعالياتها في عواصم بلدان أخرى، والثاني أن الدول الأوروبية، إضافة إلى الولايات المتحدة، ضاقت ذرعاً بالسياسة التي تتبعها طهران حيال الملفات العالقة بشأن قضايا عدة، أبرزها العلاقات المتوترة مع جيرانها، وترى في دعم المعارضة فرصة لإحداث تغيير حقيقي في أداء طهران السياسي.
لا تزال المعارضة الإيرانية تنزع إلى خيار الضغط بكل الوسائل، لتغيير النظام، حيث ترى زعيمة المعارضة مريم رجوي أن إسقاط نظام «ولاية الفقيه» الذي يحكم إيران منذ ثورة الخميني عام 1979 يعد الخيار الوحيد المتاح في الوقت الحاضر، وحسب رؤيتها فإن «النظام الإيراني غير قابل للإصلاح ولا سبيل إلا إسقاطه».
خطاب رجوي يلامس حقيقة ثابتة في طبيعة النظام الإيراني، بميله نحو إغراق البلاد والمنطقة في حروب ومغامرات عسكرية عدة، فهي ترى أن حروب الاستنزاف التي خاضها النظام في منطقة الشرق الأوسط، سببت فجوة عميقة بين إيران وجيرانها.
بالطبع لا يمكن فصل ما يدور داخل إيران عما هو حاصل في الخارج، وخاصة في إطار الصراع الدائر اليوم في كل من سوريا والعراق، إضافة إلى اليمن، فالحروب التي تدور في البلدان الثلاثة لا تغيب عنها تدخلات النظام في طهران، الذي يعمل على تغذيتها بدعم كامل وعلى مستويات عدة عسكرية ومالية وإعلامية.
ربما لهذه الأسباب تبدو العلاقات الإيرانية – الأمريكية، فضلاً عن دول أوروبية عدة ودول الإقليم، في مرحلة متقدمة من التوتر، وخاصة منذ وصول الرئيس دونالد ترامب للبيت الأبيض، وقد جاءت تصريحاته منذ الأيام الأولى من فوزه بالانتخابات، لتؤكد عمق المخاوف التي تنتاب الإدارة الأمريكية من الدور الذي تلعبه طهران في أزمات الشرق الأوسط، فوزير الخارجية ريكس تليرسون يرى أن طهران مستمرة في تقويض السلام، وأن لديها الملف الأسوأ في مجال حقوق الإنسان، كما أن طموحاتها النووية تعتبر خطراً على السلام العالمي.
ويطالب المسؤول الأمريكي بوجوب النظر إلى تهديدات إيران للمنطقة والعالم، لأن العقوبات عليها لا تتناسب مع خرقها للقوانين الدولية.
من هنا يبدو تشجيع المعارضة على لعب دور أكبر في مستقبل إيران، سيكون له تأثيرات إيجابية على طبيعة النظام فيها، والذي يستغل الأحداث الدائرة في المنطقة لتثبيت هيمنته على مقدرات البلاد وإطلاق اليد للأجهزة الأمنية والعسكرية القمعية لحماية النظام، كما هو حاصل اليوم مع «الحرس الثوري»، الذي يشارك في صياغة شكل العلاقة بين إيران وبقية دول العالم، وقد أوغل في تدخلاته بسوريا والعراق خلال السنوات الأخيرة، ما أشعل صراعاً مذهبياً وطائفياً لم تكن تعرفه المنطقة منذ قرون طويلة.
نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة