اراء و أفكـار

لبنان في مرمى الإرهاب

العملية الأمنية – العسكرية الاستباقية الناجحة التي نفذها الجيش اللبناني في جرود عرسال قبل ثلاثة أيام ضد المنظمات الإرهابية وتحديدا «داعش» و«جبهة النصرة»، التي كانت تتخذ من مخيمي النازحين السوريين، «النور» و«قارية» ملاذا لها ووكراً لتنفيذ عمليات إرهابية كان مخططاً لها أن تستهدف أماكن متفرقة من لبنان من بينها العاصمة بيروت.
العملية كانت ناحجة لأنها ضربت الإرهاب في عقر داره، وقبل أن ينفذ مخططه الجهنمي، إذ كان الإرهابيون في حالة جهوزية بأحزمتهم الناسفة للانتقال إلى أهدافهم وتنفيذ جرائمهم، وقد قضى الجيش على خمسة منهم بعد أن فجروا أنفسهم ما أدى إلى مقتل طفلة سورية لاجئة وإصابة سبعة جنود بجروح، كما تم اعتقال عدد من كبار الإرهابيين المطلوبين من ذوي السوابق الذين كانوا وراء تفجيرات وقعت في بلدات بقاعية وفي بيروت خلال السنوات القليلة الماضية، كما تم اعتقال حوالي أربعمائة من المخيمين يجري التحقيق معهم لغربلتهم من الإرهابيين ثم يصار بعدها إلى إطلاق سراح الأبرياء.
لبنان مثله مثل غيره من الدول مهدد بالإرهاب، وهو كان عانى من جرائمه خلال السنوات المنصرمة في أكثر من مدينة ومكان، حيث تم استهداف قرى وأحياء ومراكز وحواجز عسكرية وسقط العشرات من الضحايا، لأنه يقع على حافة حزام النار الذي يضرب سوريا والعراق، وحيث يجد الإرهاب ملاذات وحواضن في عدد من المناطق، وخصوصاً بعد تدفق أكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري إليه تموضعوا في مخيمات على مقربة من الحدود اللبنانية- السورية، وتمكنت المنظمات الإرهابية من التسلل إليها واستخدامها نقاط ارتكاز لعملياتها القذرة، وبذلك تم تحويل النازحين السوريين إلى ضحايا ودروع بشرية. كما تم استخدام هذه المخيمات إلى خطوط إمداد وتموين بالسلاح والرجال والمواد الغذائية إلى مجموعات إرهابية تنتمي إلى «داعش» و«النصرة» ما زالت تحتل أجزاء من جرود عرسال داخل الأراضي اللبنانية المرتبطة بمنطقة القلمون السورية، حيث يحتاج تحريرها من قبضة الإرهاب إلى قرار سياسي لبناني.
لقد نجح الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية الأخرى في تنفيذ العديد من العمليات الاستباقية ضد المجموعات الإرهابية في أكثر من مكان وضبط العديد من الخلايا، لكن الواقع يقول إنه لا يزال في مرمى الإرهاب وعليه ألا يكتفي بما تحقق من إنجازات، لأن مجرى المعارك الميدانية في العراق وسوريا يشير إلى هزائم متلاحقة للإرهاب، وهذا يتطلب المزيد من اليقظة والحذر لأن هزيمة الإرهابيين في العراق وسوريا قد تضطرهم للبحث عن ملاذات أخرى قد يكون لبنان أحدها بحكم وجوده على مقربة من البلدين، ووجود خلايا إرهابية نائمة قد توفر لهم التسهيلات، إضافة إلى أن الساحة اللبنانية وبسبب الشد والجذب السياسيين وعدم التوافق على سياسة واحدة مما يجري في المحيط، قد يسهل للإرهابيين التسلل إلى الداخل اللبناني.
لا شك أن الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية الأخرى تشكل حائط صد ضد الإرهاب، وقد أثبتت جدارتها، لكن ذلك يحتاج إلى سياسة رسمية واحدة وواضحة وحزام أمان شعبي ووعي بالخطر الذي يمثله الإرهاب الذي قد يتحرك في أي وقت.

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة