اراء و أفكـار

«الكعب العالي» في خدمة نتنياهو

إنه مسلسل «إسرائيلي» طويل جداً يتم عرضه كل يوم، وصولاً إلى خاتمة تأمل حكومة بنيامين نتنياهو أن ينتهي بتصفية القضية الفلسطينية، وإهدار حقوق الشعب الفلسطيني وطي صفحة الصراع العربي «الإسرائيلي» إلى الأبد.
حلقات هذا المسلسل يتم عرضها منذ الأيام الأولى للنكبة، أي من بدايات احتلال الأرض وتهجير أصحابها وارتكاب المجازر، مروراً بالتوسع والعدوان على الأرض العربية، ومن ثم ممارسة أبشع أشكال البطش والإرهاب والعنصرية، ومصادرة الأرض وتهويدها، وممارسة خدعة المفاوضات لكسب الوقت من أجل استكمال مخططات التهويد، مروراً بمحاصرة الفلسطينيين.
العرض متواصل والفصل الجديد يحمل عنوان «نتنياهو والكعب العالي والأونروا».
الجزء الأخير تضمن دعوة رئيس حكومة الكيان إلى تفكيك منظمة غوث اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا)، وهي المنظمة التي أنشئت في أعقاب النكبة 1948 بموجب قرار الجمعية العامة رقم 302 لتقديم المساعدة للفلسطينيين الذين فقدوا أرضهم ومورد رزقهم من جراء الاحتلال «الإسرائيلي» لفلسطين.
هذه الدعوة من نتنياهو كانت محور محادثات أجراها مع سفيرة الولايات المتحدة لدى المنظمة الدولية نيكي هايلي التي قامت مؤخراً بزيارة إلى تل أبيب كي تجدد الولاء للكيان الذي تعهدت بالدفاع عنه داخل الأمم المتحدة بحذاء «الكعب العالي» الذي تلبسه، وتم الاحتفاء بها بشكل منقطع النظير، وقام وزير الحرب أفيغدور ليبرمان بإهدائها حذاء بكعب عال كي تقوم بالمهمة التي تعهدت بالقيام بها «عندما يلزم الأمر»!
بعيداً عن حذاء هايلي الذي صار سلاحاً «إسرائيلياً» استراتيجياً جديداً في المعركة الدبلوماسية، فإن المطالبة بتفكيك «الأونروا» تحمل في مضامينها سوء نية وخبثاً متأصلاً في الفكر الصهيوني وحقداً عنصرياً دفيناً على الشعب الفلسطيني، وتهدف إلى تشديد الخناق عليه وتجويعه، خصوصاً أن الكيان يعرف أن «الأونروا» تقوم بدورها الإنساني تجاه الملايين من اللاجئين بسبب الجريمة التي ارتكبها بحقهم وشردهم من أرضهم، ثم إن الوكالة لا تقوم بهذا الدور وكأنه عمل خيري أو منة، بل هو واجب من جراء تقصير المجتمع الدولي في فرض قرارات الشرعية الدولية ومنها انسحاب «إسرائيل» من الأرض المحتلة، وتطبيق حق تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
والأخطر من ذلك، فإن نتنياهو الذي يستنجد بالسيدة ذات «الكعب العالي» كي تقوم بما كلفها به في الأمم المتحدة لتفكيك «الأونروا»، يهدف أيضاً إلى إلغاء حق العودة، لأن الوكالة الدولية من المفترض أنها تقوم بعملها إلى حين عودة الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها قسراً، وهذه الوكالة تبقى الشاهد الحي على نكبة تكاد أن تدخل عامها السبعين.
لعل نتنياهو يدرك أن حل وكالة «الأونروا» أو تفكيكها أو تغيير مهامها ليس قراراً «إسرائيلياً» أو أمريكياً أو مرتبطاً بكعب حذاء هايلي، بل هو قرار دولي تتخذه الجمعية العامة فقط التي لها الحق الحصري في هذا الخصوص، وبتصويت الأغلبية.
دعوة نتنياهو تعني أيضاً الإصرار على سياسة المواجهة ورفض أي شكل من أشكال التسوية، أو إقرار أدنى حقوق الشعب الفلسطيني. فهل تدرك السلطة الفلسطينية ذلك ومعها الذين فقدوا البوصلة؟
نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة