اراء و أفكـار

ومضات :مناخ حار .. بلد ساخن!

طه جزاع

مع تَوقع هيئة الأنواء الجوية بارتفاع درجات الحرارة خلال الأسبوع الحالي، وتأثر العراق اعتباراً من اليوم الاثنين بامتداد المنخفض الحراري الموسمي، نكون قد بدأنا العتبة الأولى من الصيف العراقي الطويل الذي يبدأ مبكرا في العادة، ومشينا خطوات باتجاه اثنين من أكثر شهور العراق حرارة وعناء ومشقة، هما “تموز” و”آب” الذي تذيب العشرة الأوائل منه المسمار في الباب مثلما يقال، لكن يبدو أن المسامير سوف لن تذوب وحدها في صيف هذا العام، وستحترق وتذوب معها أشياء أخرى أهم من المسامير في مقدمتها جلود الناس و.. أرواحهم!
وكانت وكالة “ناسا” لعلوم الفضاء قد توقعت قبل حلول صيف العام الماضي انه سيكون الأشد حرارة منذ بدئها بتسجيل درجات الحرارة عالميا قبل 131 عاما! مؤكدة أنها سجلت ارتفاعاً في درجات الحرارة في الكثير من مناطق جنوب شرق آسيا وشمال أميركا الجنوبية وأميركا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي واستراليا فضلا عن منطقة الشرق الأوسط، كما حذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من الارتفاع المستمر في درجات الحرارة، وذكرت في تقريرها السنوي عن المناخ العالمي أن أول شهرين من العام الفائت 2016 كانا الأعلى حرارة، وتسببا في صدمة لدى خبراء وعلماء المناخ، غير أن كل المؤشرات توحي أن صيفنا للعام الحالي 2017 سيتجاوز صيف العام الماضي، وستكون صدمتنا وصدمة خبراء وعلماء المناخ حقيقية هذه المرة!
الأخطر من ارتفاع درجات الحرارة هو تحذير العديد من منظمات البيئة ووكالات الإغاثة من أن العالم سيشهد أيضا واحدة من أقوى دورات ظاهرة “النينو” أو ما يطلق عليها في جنوب وشرق آسيا تسمية “طفل المناخ الشقي” وهي ظاهرة مناخية مدمرة تحدث كل ثلاث سنوات وتتسبب في تبدلات مناخية في كل الكرة الأرضية تتمثل في الجفاف والفيضانات وتدمير المحاصيل الزراعية، وكذلك غزارة الأمطار غير الموسمية في عدد من دول آسيا والتي ينتج عنها كوارث على المحاصيل الزراعية، وتؤدي هذه الظواهر المناخية مجتمعة إلى تزايد مخاطر المجاعات والأمراض ونزوح السكان، ومما يزيد الطين بلة في بعض المناطق المتأثرة بهذه التغيرات المناخية الخطيرة استمرار الصراعات فيها والتوترات والحروب، مثلما يحدث الآن في سوريا والعراق واليمن وعدد من المناطق الملتهبة. والصورة قاتمة كما ترون، ومما يزيدها سوءاً وخطورة مثلما يؤكد خبراء البيئة، هو عدم استعداد أغلب الدول العربية لمواجهة هذه التبدلات المناخية، وانشغال بعضها بحروب وصراعات تبدو نهاياتها ليست قريبة أبداً.
لقد اعتاد المواطن العراقي على التقلبات الجوية والسياسية والحكومية، لكن توقعات المناخ تقول إن حر هذا الصيف لاهب جداً، وأن “الجو” السياسي والأمني والبشري ساخن جداً، مع نزوح وتشريد وتهجير ثلث الشعب العراقي في الصحارى والفيافي والمخيمات من دون أدنى اهتمام أو رعاية إنسانية.
“النينو” العراقي هو ظاهرة بشرية وسياسية بامتياز حتى لو لم يرد ذلك في تقارير وكالة “ناسا” ووكالات الإغاثة الإنسانية!

نقلا عن “المشرق”

مقالات ذات صلة