اراء و أفكـار

دروس من إرهاب لندن

ما كادت بريطانيا تخرج من صدمة العمل الإرهابي الذي استهدف مدينة مانشستر قبل أقل من أسبوعين، وأدى إلى مقتل اثنين وعشرين شخصاً، حتى فوجئت بعمل إرهابي آخر في وسط العاصمة لندن يوم أمس الأول أدى إلى مقتل سبعة أشخاص وإصابة نحو خمسين آخرين في عمليتي دهس وطعن، ومقتل الإرهابيين الثلاثة الذين اقترفوا الجريمة على يد رجال الشرطة.
هذا العمل الإرهابي الذي استهدف مدنيين، على الرغم من الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها الشرطة البريطانية بعد العملية الإرهابية التي وقعت في مانشستر، يؤكد أن الخلايا الإرهابية النائمة قادرة على العمل، وتجاوز كل الإجراءات في مختلف الظروف، وباستخدام وسائل عادية وبسيطة مثل الحافلات والشاحنات في عمليات دهس واقتحام من دون كشفها، باعتبارها وسائل مواصلات عادية لا تثير الانتباه ولا تخضع لمراقبة أمنية، وهذا يستدعي أن تتكيف الأجهزة الأمنية مع هذا الواقع، وتتخذ الوسائل الرادعة التي تحد من مثل هذه العمليات رغم صعوبتها، وأن تعيد النظر في استراتيجيتها لمواجهة الإرهاب، خصوصاً أنها تدرك أن أي تقاعس عن مواجهة الفكر المتطرف الذي يتواجد ويتسع في بريطانيا ويشكل حاضنة للإرهاب، وبمعرفة مختلف أجهزتها السياسية والأمنية، سوف يؤدي إلى مزيد من العمليات الإرهابية والمآسي التي ستطال الأبرياء.
العملية الإرهابية التي وقعت يوم أمس الأول، مدانة بكل المقاييس، لأنها جريمة بحق مدنيين أبرياء، مثلها مثل كل العمليات المشابهة التي ترتكبها الجماعات الإرهابية في كل مكان. وقد أعلنت دولة الإمارات إدانتها للجريمة انطلاقاً من موقفها الثابت المعادي لكل أشكال الإرهاب والتطرف، ودعوتها الدائمة إلى التعاون المشترك، والتصدي لهذه الآفة الخطيرة التي تهدد الأمن والسلام في العالم.
وهذا يستوجب مواجهة الحقيقة التي تقول إن بريطانيا مدعوة لإعادة النظر بسياسات قائمة تفسح المجال للتطرف، بأن يتخذ من الساحة البريطانية ميداناً لبث سمومه والتوغل داخل المجتمع البريطاني بكل مخاطره تحت ذريعة الحرية وحقوق الإنسان، حيث يتم تفقيس إرهابيين يمتهنون القتل والتدمير في سوريا والعراق وليبيا واليمن والصومال ولا يوفرون البلد الذي آواهم ووفر لهم الملاذ الآمن.
نعرف ويعرف الجميع أن إيواء قيادات إخوانية مثلاً ومنذ سنوات طويلة، وتوفير شتى أشكال الدعم لهم، وتمكينهم من بناء المساجد والجمعيات التي تُستخدم حواضن للتطرف والإرهاب، أساء إلى بريطانيا بشكل خاص، وشكّل خطراً على الدول العربية والإسلامية التي ينتمي هؤلاء إليها، لأن أفكارهم وممارساتهم كانت بمثابة الدافع لهذه العمليات الإرهابية، ومنطلقاً لما شهده أكثر من بلد عربي خلال السنوات القليلة الماضية من تخريب وتدمير.
يبقى القول إن المواجهة الفعلية لمواجهة الإرهاب تستدعى صدقاً وفعلاً، والتخلي عن ازدواجية المعايير في التعاطي مع هذه المسألة الخطيرة، لأن الإرهاب لا يحتمل القول إن بعضه حميد عندما يخدم هدفاً سياسياً، وبعضه خبيث عندما يستهدف مقتلاً.
نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة