اراء و أفكـار

القدس في المرمى الصهيوني

ماذا يعني أن تعقد الحكومة «الإسرائيلية» اجتماعها تحت الأرض داخل أنفاق حائط البراق في القدس المحتلة لمناسبة يوم ما يسمى «توحيد القدس»؟
الحدث لم يستأهل موقفاً عربياً أو إسلامياً، ولو من خلال منظمة المؤتمر الإسلامي أو لجنة القدس، ومرَّ مرور الكرام، وكأنه حدث عادي، ولا يستهدف مدينة مقدسة عند المسلمين والأديان الأخرى، ولا يشكل استفزازاً لمشاعر ملايين العرب والمسلمين على حد سواء.
الاجتماع بحد ذاته تحت حائط البراق استفزاز، والقرارات التي اتخذتها الحكومة «الإسرائيلية» في هذا الاجتماع تشكل تحدياً للعالم والشرعية الدولية، لأنها تقصدت من خلال القرارات التي اتخذتها، ومنها إقامة مشاريع سياحية ومصعد وممرات لتسهيل وصول اليهود إلى حائط البراق، تعزيز قبضة الاحتلال على المدينة، في إطار خطواته لتهويدها وطمس معالمها العربية -الإسلامية.
الملاحظ أن هذه الخطوة استتبعت بخطوة أخرى، وهي المصادقة على إقامة مستوطنة جديدة للمستوطنين الذين تم إخلاؤهم قبل ثلاثة أشهر ونصف الشهر من مستوطنة عمونا التي أقيمت على أراضٍ فلسطينية خاصة. والمفارقة أن المستوطنة الجديدة سوف تقام أيضاً على أراضٍ فلسطينية خاصة قرب قرى سلواد وجالود وترمسعيا، أي أنهم استبدلوا أرضاً فلسطينية بأرضٍ فلسطينية أخرى!
الملفت للنظر في هذه الخطوات الاستفزازية أنها جاءت بعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للكيان، من دون أن يحدد موقفاً أمريكياً إزاء التسوية، وخصوصاً ما يتعلق بحل الدولتين والمستوطنات، وحديثه أثناء زيارته لحائط البراق عن «الروابط التاريخية لليهود بالقدس»، الأمر الذي اعتبره نتنياهو وفريق حكومته بأنه «ضوء أخضر» أمريكي للمضي قدماً في عملية تهويد المدينة المقدسة.
يدرك نتنياهو أن الخطوات التي أقدم عليها تتنافى مع القانون الدولي، وتنتهك قرارات الشرعية الدولية بخصوص عروبة القدس، وأنها مدينة محتلة ولا يجوز تغيير معالمها، وآخرها قرار منظمة «اليونيسكو» الذي يؤكد إسلامية المدينة، لكن نتنياهو يدرك أيضاً أن هناك دولاً كبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تدعمه وتحميه من أي عقاب أو مساءلة، وأن الوضع العربي المهترئ في مصلحته، ويوفر له مساحة من الأمان يستطيع من خلالها مواصلة التهويد من دون رادع، وفرض أمر واقع على المدينة المقدسة، بما يقطع الطريق على حل الدولتين، وأن تكون القدس عاصمة للدولة الفلسطينية.
إن التصريحات التي صدرت عن قادة الكيان في الذكرى الخمسين لاحتلال الضفة الغربية والقدس، تؤكد عدم اعتراف الكيان بأن وجوده احتلال، وإنه يعيد إنتاج كل الأساطير الصهيونية المرتبطة بهذا الاحتلال كي يبرر كل أفعاله التي تتنافى مع التاريخ والحقيقة والشرعية الدولية.
ولأن الشعب الفلسطيني يقف وحيداً في هذا الصراع، فما عليه إلا أن يعزز وحدته الوطنية وصموده وتدعيم وجوده في القدس وحولها، وفي كل الأرض المحتلة، لأن المخطط الصهيوني يستهدفه بالأساس بالسعي لاقتلاعه وتصفية وجوده.

نقلا عن “القدس العربي”

مقالات ذات صلة