اراء و أفكـار

إرهاب بلا عقاب

هناك نوعان من الإرهاب الذي تعاني منه البشرية،هما الإرهاب الذي مارسته وتمارسه منظمات متطرفة، وأخذ أشكالاً مختلفة في العقود الماضية في إطار الصراع الفكري العقائدي أثناء الحرب الباردة التي كانت مستعرة بين الشيوعية والرأسمالية، وبين ما يسمى يسار ويمين مثل منظمة «بادر ماينهوف» و«الجيش الأحمر» «والألوية الحمراء» «والنازيون الجدد»، إضافة إلى منظمات مارست العنف من منطلق عنصري وقومي من بينها العديد من المنظمات الصهيونية والأوروبية والأمريكية. وهناك إرهاب الدولة، أي الإرهاب الذي تمارسه دولة ما، ضد شعبها أو ضد شعوب أخرى مجاورة أو بعيدة أو تخضع للاحتلال.
وإذا كان المجتمع الدولي لم يصل حتى الآن إلى تعريف قانوني موحّد للإرهاب وإرهاب الدولة لتعلّق ذلك بمعايير سياسية مزدوجة لها علاقة باستثمار الإرهاب في تحقيق أهداف سياسية، وبالجهة التي تمارس الإرهاب ومدى علاقتها بالقوى الكبرى التي بإمكانها تعطيل التوصل إلى تعريف موضوعي وحقيقي للإرهاب، إلا أن الإرهاب بمفهومه العام هو استخدام القوة أو التهديد بها من أجل إحداث تغيير سياسي، أو القتل المتعمد وممارسة العنف المنظم وغير القانوني للمدنيين أو تهديدهم به لخلق جو من الرعب والإهانة للأشخاص الأبرياء من أجل كسب سياسي.
إن كل هذه الممارسات المتعلقة بالإرهاب تنطبق بالمطلق على «إسرائيل» منذ إنشائها العام 1948 وحتى اليوم، من خلال الجرائم التي ارتكبتها العصابات الصهيونية قبل قيام الكيان وبعده، حيث مارست عمليات إبادة وتهجير ضد المواطنين الفلسطينيين أصحاب الأرض، وتدمير مئات القرى، كما شن الكيان الصهيوني سلسلة من الاعتداءات والحروب ضد الدول العربية واحتل أراضٍ عربية (سيناء والضفة الغربية ومرتفعات الجولان السورية) وقام بغزو لبنان واحتلال عاصمته وأجزاء من جنوبه، وارتكب العديد من المجازر في الضفة وغزة ومصر (مدرسة بحر البقر، وقتل المئات من الجنود المصريين الأسرى في سيناء)، وجنوب لبنان (قانا والمنصورية)، ومارس بواسطة مخابراته أبشع عمليات الاغتيال ضد قيادات فلسطينية وعربية داخل الأرض المحتلة وخارجها، شملت ياسر عرفات وأبو علي مصطفى وأبوجهاد في تونس ، وتعمد تصفية عشرات العلماء العرب في عواصم عربية وغربية.
إرهاب الدولة الذي تمارسه «إسرائيل» أمام أعين العالم يشمل فرض حصار بري وبحري وجوي منذ العام 2006 على حوالي مليون ونصف المليون فلسطيني في قطاع غزة، بحيث تحوّل القطاع إلى أكبر سجن في العالم، هذا عدا حوالى سبعة آلاف أسير من مختلف الأعمار، رجالاً ونساءً وأطفالاً في سجونها في انتهاك فاضح لكل القوانين الدولية. كما أن سجل إرهاب الدولة يشمل الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين وطردهم منها وإقامة عشرات المستوطنات عليها، إضافة إلى عمليات التهويد القائمة على قدم وساق في مدينة القدس وبقية الأراضي المحتلة.
كل «إرهاب الدولة» هذا يحظى بتأييد دول غربية توفر للكيان كل الدعم المادي والحماية السياسية والدبلوماسية للحؤول دون تجريمه وإخضاعه للقانون الدولي باعتبار أن كل جرائمه هي جرائم حرب ضد الإنسانية.
هذا هو الإرهاب الذي يجب أن لا يبقى بلا عقاب، مثله مثل الإرهاب الذي تمارسه التنظيمات الإرهابية. –
نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة