اراء و أفكـار

الرد على مذبحة براك الشاطئ

ما جرى في قاعدة براك الشاطئ الجوية في جنوب ليبيا قبل أيام لم يكن صدفة أو مجرد عمل طائش وغير مسؤول قامت به زمرة من المسلحين غير المنضبطين، بل هو عمل مخطط ومقصود يهدف إلى نسف كل الجهود العربية والدولية لوقف نزيف الدم الليبي ووضع حد للفوضى التي دمرت البلد وأنهكته ونهبت مقدراته وحولته فريسة للإرهاب الذي بات يهدد كل دول الجوار وما بعدها.
إن قيام جماعات مسلحة تسمى «القوة الثالثة» متحالفة مع بعض الميليشيات المتطرفة من المفترض أنها مسؤولة وتخضع لقيادة عسكرية، بالهجوم على القاعدة وارتكاب مجزرة بشعة طالت أكثر من مئة وسبعين جندياً من «اللواء 12 مجحفل» التابع للجيش الوطني الليبي، بعضهم قضى ذبحاً أو إعداماً رمياً بالرصاص في الرأس، جريمة حرب مكتملة الأركان يجب ألا تمر من دون عقاب.
إن هذه الجريمة يجب أن تكون درساً للقوى الليبية الوطنية، السياسية والعسكرية التي تسعى للتوصل إلى حل سياسي للأزمة الليبية بدعم حقيقي من بعض الدول العربية التي تحرص على ليبيا وشعبها، وفي مقدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة، وعليها أن تدرك أن لا أمن ولا أمان بوجود ميليشيات إرهابية على الأرض الليبية، وبالتالي لا يمكن الركون إلى أي اتفاقات معها لأن طبيعتها الغدر ونكث الوعود. وعندما أبرم الجيش الوطني الليبي اتفاقاً قبل يوم واحد من الهجوم -المذبحة مع «القوة الثالثة» التي وافقت على تسليم مطاري سبها وتمنهنت، كان عليه أن لا يركن إلى الاتفاق، بل يتخذ ما يلزم من الإجراءات الاحترازية ويتحسب لكل الاحتمالات.
وفي مطلق الأحوال أكد الهجوم أن هناك قوى محلية معروفة ارتباطاتها بالخارج لا تريد حلاً وتسعى لتقويض كل الجهود التي تهدف إلى وضع حد للحرب الأهلية، خدمة لأجندات مشبوهة ذات فكر تكفيري إرهابي متطرف تسعى لتوسيع رقعة الفوضى كي تشمل المنطقة بأسرها، وذلك للتعويض عن الهزائم التي يلقاها هذا الفكر في سوريا والعراق.
لئلا تعتقد الجماعات المسلحة المتطرفة أنها بأعمالها الإجرامية التي تمارسها على طول الجغرافيا الليبية قادرة على إبقاء ليبيا غارقة في الفوضى ونهباً لأطماع القوى الدولية، مطلوب من القوى الوطنية أن تسد كل المنافذ أمام هذه الجماعات من خلال السعي الحثيث لتفعيل كل الاتفاقات التي أبرمت في الصخيرات والإمارات والقاهرة وتونس والجزائر، وتعديل ما يمكن تعديله من نقاط خلافية، والمباشرة في عملية إنقاذ حقيقية، تحمي ليبيا وتصون وحدتها وشعبها وثرواتها، لأن استمرار الصراع والنزف سوف يؤدي إلى ضياع كل ذلك، ويخلق البيئة المناسبة لكل أعدائها والمتربصين بها.

نقلاً عن “الخليج”

مقالات ذات صلة