اراء و أفكـار

قمم ومشهد جديد

تفتح القمم السعودية – الأمريكية، والخليجية – الأمريكية، والعربية الإسلامية -الأمريكية التي تشهدها الرياض اليوم على أفق جديد تماماً في المنطقة قد يغير وجهها إذا ما حققت أهدافها وجدول أعمالها.
لأول مرة تشهد المنطقة مثل هذه الفعالية السياسية غير المسبوقة التي تضم 36 زعيماً و6 رؤساء حكومات يجمعها قاسم واحد هو السعي لإقامة شراكة استراتيجية في الحرب على الإرهاب والتطرف، ومواجهة مساعي التمدد الإيراني في المنطقة والتدخل في شؤونها الداخلية، ومحاولة خلق بيئة مناسبة لإطلاق عملية السلام في الشرق الأوسط على قاعدة انسحاب «إسرائيل» من الأراضي العربية المحتلة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على أساس ما نصت عليه مبادرة السلام العربية، باعتبار أن القضية الفلسطينية إذا ما بقيت من دون حل عادل سوف تؤسس باستمرار لأزمات وحروب لا تنتهي وستظل تشكل تهديداً للأمن والسلم في المنطقة والعالم، ما يستدعي إلزام «إسرائيل» بقرارات الشرعية الدولية ومرجعياتها.
إذا ما نجحت هذه القمم في تحقيق أهدافها فإنها سوف تخلق واقعاً جيوإستراتيجياً جديداً في المنطقة، يخرجها من حالة الفراغ التي سمحت لقوى إقليمية ودولية أخرى باللعب على ساحتها واحتلال مواقع ليست لها، أسست لاختلال البنى السياسية التاريخية، ومن بينها الوهن الذي أصاب النظام العربي والتضامن العربي ، لأن تعميق الشراكة الأمريكية -الخليجية والشراكة الأمريكية -العربية الإسلامية من شأنها إعادة التوازن إلى المنطقة بشرط أن تكون على قاعدة الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، ووفقاً لمقتضيات الحق والعدالة، وهذا وحده كفيل بإعادة الأمور إلى نصابها وتصويب الاختلال القائم حالياً في المنطقة ويفرض على القوى الإقليمية أن تعيد النظر بسياساتها ومواقفها السابقة.
أن يستهل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زياراته الخارجية منذ انتخابه رئيساً، بمدينة الرياض ويشارك في قمم غير مسبوقة، فهذا يعني أن هناك نية لدى الإدارة الأمريكية الجديدة بانتهاج مسار سياسي جديد يختلف عن المسار السابق الذي اتسم بالتردد في الخيارات السياسية والأمنية تجاه أزمات المنطقة، إضافة إلى قناعة أمريكية بالدور الريادي الذي تلعبه المملكة العربية السعودية في المنطقة، كما هو دورها في اليمن مع دولة الإمارات العربية المتحدة لاستعادة الشرعية وضمان وحدته وعروبته وتخليصه من براثن الحوثيين وجماعة الرئيس السابق وارتباطاتهم الخارجية المشبوهة.
آمال كبيرة معقودة على هذه القمم بأن تخرج بنتائج إيجابية يتم ترجمتها على الأرض في السياسة والأمن والاقتصاد، تؤدي إلى وضع استراتيجية واضحة لدحر الإرهاب والتطرف بمضامينه العسكرية والفكرية، وإلى فتح مساحة واسعة للحوار بين الدول الإسلامية والغرب لتجسير الهوة التي يحاول التطرف تعميقها وتوسيعها، أي بناء الجسور بدلاً من الجدران من أجل نشر قيم التسامح والتعايش.

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة