المناطق «الآمنة» السورية تنتظر..«كلمة السر» الروسية
ثريا شاهين
المناطق الآمنة، أو المناطق الهادئة، أو مناطق «تخفيف التوتر» أو «تخفيف التصعيد»، كلّها عبارات أُطلقت على ما تمّ التفاهم حوله في التفاوض السوري – السوري الأخير في استانا، حيث كل الأطراف تترقب مدى الإلتزام ومدى الجدية في الضمانات المعطاة لإنجاح الخطوة.
حتماً انها ليست مناطق آمنة في المفهوم الدولي القانوني. لكنها جيدة وفقاً لمصادر ديبلوماسية، لأنها تخفف العنف وتخفف اللجوء، وعندما ينعدم الهرب إلى مناطق أخرى، لكن على المدى الطويل ليس واضحاً ثبات هذه المرحلة، وحقيقة الموقف الروسي ازاءها.
المفهوم العسكري الدولي للمناطق الآمنة يعني أربعة امور: قوة مسؤولة عن أمن كل منطقة من المناطق الآمنة، فضلاً عن آلية أمنية توفر الحل لضبط الوضع في حال حصلت خروق أمنية، وتوفر المحاسبة على الخروق وتحديد المسؤولية عنها، والنتيجة المتوخاة من الآلية المعتمدة. ثم أن لا طيران يجب أن يمر فوق هذه المناطق، ثم القدرة على إستعادة اللاجئين إلى هذه المناطق.
المصادر تعتبر أنه حتى الآن، ليس هناك من مؤشرات تظهر فعلياً أن المناطق الآمنة تستوفي هذه الشروط. لا بل هناك تخوف غربي، من حصول التفاف روسي على فكرة الولايات المتحدة الأساسية إقامة مناطق آمنة في سوريا، وتمييع الأمر لإفشالها، وإزالتها عن طاولة البحث مع الإشارة إلى أنه لا تزال هناك نقاط في تفاهم آستانة لم تعلن، فتبقى بذلك «كلمة السر» لانطلاقتها النهائية بيد روسيا.
مصادر ديبلوماسية غربية من موسكو، تؤكد أن مصالح أميركية – روسية توافقت على إقامة المناطق الآمنة. وفكرة هذه المناطق في الأساس كانت قد طرحتها تركيا، وما لبثت أن طرحتها الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة، بعدما كان الرئيس السابق باراك اوباما غير متفق مع الروس حول ذلك. اليوم التقت المصالح بين الدول المعنية ونضجت الظروف حول هذه المسألة. وتفيد المصادر، أنه على الرغم من الموقف الإيراني المعلن الداعم، الا أن طهران في الواقع ليست راضية، ولم تكن لتتمنّى ذلك، لأن المناطق الآمنة من شأنها منع أية تحركات عسكرية. إذ أن إيران لديها أهداف في التغيير الديمغرافي في سوريا، وإقامة مثل هذه المناطق تمنع ذلك.
إذاً، التوافق الأميركي – الروسي الأساس في إنطلاق هذه الخطوة، وهناك ترقب لثباتها. وروسيا تريد تحقيق اهدافها وضمانة مصالحها، وطالما ذلك متوافر فلا مانع لدى روسيا بالسير في المناطق الآمنة. وأوروبا أيضاً وافقت، فضلاً عن الخليج وتركيا، فوجود المناطق الآمنة يمنع تدفق اللاجئين إلى الدول الغربية وبالتالي لا مخاطر تتهددها من جراء اللجوء.
وتتوقع المصادر، أن يتمكن لبنان من الإستفادة من المناطق الآمنة، بتوجه اللاجئين السوريين إليها ولو بشكل جزئي. ويمكن للبنان إن ثبتت الأجواء الهادئة لهذه المناطق أن ينسق لهذه الغاية مع الأطراف الدولية الراعية لهذه الخطوة من أجل الإستفادة بالطريقة الفضلى منها. مع الإشارة إلى أن المجتمع الدولي لم يوافق على مطلب لبنان إعادة اللاجئين السوريين إلى مناطق غير قتالية في سوريا وهي قد تكون آمنة. والموقف الدولي هو أن اعادتهم تحتاج إلى ضمانات دولية بأن هذه المناطق آمنة، وحتى الآن هذه الضمانات غير متوافرة.
مبدئياً، هناك ضمانات دولية اليوم بأن المناطق التي تحددت يجب أن تكون آمنة وهادئة. وهو محور قرار دولي صادر عن مجلس الأمن من أجل دعم هذه الخطوة. وتعتبر المصادر الخطوة أساسية جداً، ونوعية في سياق حل الأزمة السورية. وانه منذ انطلاق الأزمة السورية لم تكن هناك محطة سياسية بهذه الأهمية على الأرض حظيت بتوافق دولي – إقليمي. على الرغم من أن موقف
المعارضة السورية يقول بأن إيران لا يمكن أن تكون «ضامنة»، لأنها فريق يدعم النظام.
نقلا عن “المستقبل اللبنانية”