اخبار العراق

المخدرات في التشريعات العراقية ..

جمال الاسدي
المخدرات تاريخياً :-
بدايات تاريخ ظهور المخدرات وانتشارها بين بني البشر في العالم من خلال هذه اللمحة التاريخية البسيطة : إن إستخدام المخدرات قديم قدم البشرية وعرفتها أقدم الحضارات في العالم فقد وجدت لوحة سومرية يعود تاريخها إلى الألف الرابعة قبل الميلاد تدل على استعمال السومريين للأفيون وكانوا يطلقون عليه ( نبات السعادة ) وعرف الهنود والصينيين (الحشيش) منذ الألف الثالث قبل الميلاد كما جاء في كتاب صيدلة ألّفهُ الإمبراطور الصيني ( شينج نانج ) بحسب وصف هوميروس في الاوديسا . وعُرف الكوكايين في أمريكا اللاتينية منذ القرن الخامس قبل الميلاد وكان الهنود الحمر يمضغون أوراقه في طقوسهم الدينية , أما القات* فقد عرفه الأحباش قديما ونقلوه إلى اليمن عام 525 الميلادي ومنه انتقل إلى الجنوب . وفي القرن التاسع عشر تمكن الألماني سيد ترون من فصل مادة المورفين عن الأفيون وأطلق عليها هذا الاسم نسبة إلى إله الأحلام عند الإغريق . وفي المشرق الإسلامي يرجح ابن كثير أن الحسن بن الصباح الذي كان في أواخر القرن الخامس الهجري زعيماً لطائفة الحشاشين كان يقدم لأتباعه طعاماً يحرفُ بهِ مزاجهم ويفسد أدمغتهم وهذا يعني أن هناك نوعا من المخدرات عرفهُ العالم الإسلامي في تلك الحقبة , ويرى المقريزي أن ظهور الحشيشة كان في أول القرن السابع الهجري على يد ( الشيخ حيدر ) من جهلاء المتصوفة وكان يدعوها بحشيشة الفقراء . اما في العراق فقد كان طريق لتهريب المخدرات والحبوب وهذا التهريب قد اثر شيئاً فشيئاً على العراق وجعله من البلدان المستهلكة للمخدرات وقد ازداد استخدام المخدرات بمرور الزمن وعله من الاوجه الواضحة لانتشاره هو استخدام الحبوب المخدرة ، حيث راجت هذه الحبوب بقوة منذ زمن النظام المباد وفي فترة التسعينات، فهي متوفرة بكثرة ورخيصة الثمن ومفعولها لا يقل تأثيرا عن المخدرات (النباتية الطبيعية) ومشتقاتها وهي تغني عن الكحول ايضا، وتدخل مضافة إلى المخدرات (حبوب التخدير) التي اصطلح العراقيون على تسميتها بحبوب الكبسلة، وبهذا تعد احد انواع المواد المخدرة او المخدرات.
ان ظاهرة تداول المخدرات مشكلة عالمية لا تقتصر على العراق فحسب، وساعد على استفحاله وانتشاره الفراغ الامني الكبير الذي رافق الاحتلال بعد ٢٠٠٣ بل كانت تلك الظروف بيئة مساعدة وبشده على انتشار متعاطي المخدرات وفي كافة الاوساط وقد تكون اوساط الاطفال والشباب الاكثر تأثراً . انواع المخدرات :-
1- الكحوليات :- المشروبات الكحولية بانواعها ، تعتبر الكحوليات من أقدم المواد المخدرة التي تعاطاها الإنسان، وكانت الصين أسبق المجتمعات إلى معرفة عمليات التخمير الطبيعية لأنواع مختلفة من الأطعمة، فقد صنع الصينيون الخمور من الأرز والبطاطا والقمح والشعير، وتعاطوا أنواعاً من المشروبات كانوا يطلقون عليها “جيو” أي النبيذ، ثم انتقل إليهم نبيذ العنب من العالم الغربي سنة 200 قبل الميلاد تقريباً .
2- الحشيش (القنب) :- عرفت الشعوب القديمة الحشيش وصنعوا من أليافه الحبال والأقمشةوأسماه الصينيون واهب السعادةوأطلق عليه الهندوس اسم مخفف الأحزان القنب كلمة لاتينية معناها ضوضاء، وقد سمي الحشيش بهذا الاسم لأن متعاطيه يحدث ضوضاء بعد وصول المادة المخدرة إلى ذروة مفعولها .
3- الأفيون:-أول من اكتشف الخشاش (الأفيون) هم سكان وسط آسيا في الألف السابعة قبل الميلاد ومنها انتشر إلى مناطق العالم المختلفة، وقد عرفه المصريون القدماء في الألف الرابعة قبل الميلاد، وكانوا يستخدمونه علاجاً للأوجاع، وعرفه كذلك السومريون وأطلقوا عليه اسم نبات السعادة، وتحدثت لوحات سومرية يعود تاريخها إلى 3300 ق.م عن موسم حصاد الأفيون، وعرفه البابليون والفرس، كما استخدمه الصينيون والهنود، ثم انتقل إلى اليونان والرومان
4- المورفين :- وهو أحد مشتقات الأفيون، حيث استطاع العالم الألماني سير تبرز عام 1806 من فصلها عن الأفيون، وأطلق عليها هذا الاسم نسبة إلى الإله مورفيوس إله الأحلام عند الإغريق. وقد ساعد الاستخدام الطبي للمورفين في العمليات الجراحية خاصة إبان الحرب الأهلية التي اندلعت في الولايات المتحدة الأميركية (1861 – 1861)
5- الهيروين :-وهو أيضاً أحد مشتقات المورفين الأشد خطورة، اكتشف عام 1898 وأنتجته شركة باير للأدوية، ثم أسيء استخدامه وأدرج ضمن المواد المخدرة فائقة الخطورة.
6- الأمفيتامينات :-تم تحضيرها لأول مرة عام 1887 لكنها لم تستخدم طبياً إلا عام 1930، وقد سوقت تجارياً تحت اسم البنزورين، وكثر بعد ذلك تصنيع العديد منها مثل الكيكيدرين والمستيدرين والريتالين.
7- الكوكايين :- عرفت أميركا اللاتينية الكوكايين قبل أكثر من ألفي عام ومنها انتشر إلى معظم أنحاء العالم ولاتزال هذه القارة أكبر منتج له حتى الآن” عرف نبات الكوكا الذي يستخرج منه الكوكايين في أميركا الجنوبية منذ أكثر من ألفي عام، وينتشر استعماله لدى هنود الأنكا، وفي عام 1860 تمكن العالم ألفرد نيمان من عزل المادة الفعالة في نبات الكوكا، ومنذ ذلك الحين زاد انتشاره على نطاق عالمي
8- القات :- شجرة معمرة يراوح ارتفاعها ما بين متر إلى مترين، تزرع في اليمن والقرن الأفريقي وأفغانستان وأواسط آسيا. اختلف الباحثون في تحديد أول منطقة ظهرت بها هذه الشجرة، فبينما يرى البعض أن أول ظهور لها كان في تركستان وأفغانستان يرى البعض الآخر أن الموطن الأصلي لها يرجع إلى الحبشة. عرفته اليمن والحبشة في القرن الرابع عشر الميلادي، حيث أشار المقريزي (1364 – 1442) إلى وجود “.. شجرة لا تثمر فواكه في أرض الحبشة تسمى بالقات .

تاريخياً المشرع العراقي انتبه لخطورة انتشار واستخدام المخدرات بانواعها الطبيعية والصناعية ، واول تشريع في الدولة العراقية الحديثة هو رقم (١٢) لسنة ١٩٣٣ قانون منع زراعة قنب الحشيشة الهندي وخشخاش الأفيون . واتبعه بعد خمس سنوات لمعالجة النقص التشريعي باعتبار ان قانون رقم ( ١٢ ) كان منع للزراعة وغفل العقاقيير المصنعة او نصف المصنعة فذهب المشرع الى تشريع قانون العقاقير الخطرة والمخدرة رقم 44 لسنة 1938 . واتبعت هذين القانونين مجموعة من التعديلات والانظمة والتعليمات والبيانات . استمر هذين التشريعين في منع ومكافحة النباتات والعقاقير المخدرة الى سنة ١٩٦٥ ، حيث اتجه المشرع الى تشريع قانون المخدرات رقم ( ٦٨ ) لسنة ١٩٦٥ والذي مازال نافذاً لغاية يومنا هذا ، مع اضافة بعض التعديلات عليه . السبب الرئيسي لتشريع هذا القانون هو انضمام ومصادقة العراق على الاتفاقية الوحيدة بالمخدرات لسنة ١٩٦١ والموقع عليها في نيو يورك في ٣٠ / ٣ / ١٩٦١ والتي صادق العراق عليه بموجب القانون رقم ١٦ لسنة ١٩٦٢ . قانون رقم ( ٦٨ ) لسنة ١٩٦٥ المعدل عرف المخدر بالاتي :-كل مادة طبيعية أو تركيبية أو المواد المدرجة في الجدولين الأول والثاني الملحقين بهذا القانون ( اسلوب القوانين المرنة ) وهذا التعريف تعريف ينقص الكثير من الوضوح ويحتاج الى اعادة تشريع حتى يكون ملائم مع التطور الحاصل في عالم المخدرات . وقد عرف القانون ايضاً المتاجرة في المخدرات وكالاتي :- المتاجرة – الإنتاج والصنع والاستخراج والتحضير والحيازة والتقديم والعرض للبيع والتوزيع والشراء والبيع والتسليم بأية صفة من الصفات والسمسرة فيها والإرسال بالترانسيت والنقل والاستيراد والتصدير أو التوسط ما بين المنتج والمشتري . وهذا التعريف واضح وواسع لمكافحة المخدرات ، ويعطي الجهات التنفيذية والقضائية اليد الطولى لمكافحة المخدرات .

القانون اسس لمفهومين اساسيين في نصوصه لمكافحة المخدرات ، المفهوم الاول هو تحميل ثلاث جهات تنفيذية ملف مكافحة المخدرات وهم وزارة الصحة ، ومكتب شؤون المخدرات في مديرية الشرطة العامة ، وكذلك وزارة الزراعة . والمفهوم الثاني هو الجداول المرفقة لانواع المخدرات كاسلوب لاستمرار التحديث قانون المخدرات العراقي رقم (68) لسنة 1965 جرم المتاجرة وصناعة واستخراج وتحضير وحيازة وتوزيع المخدرات . ونصت المادة الرابعة عشرة من قانون المخدرات بمعاقبة المخالف لأحكام المادتين التاسعة والعاشرة من قانون المخدرات بالغرامة أو الحبس مدة لا تزيد على سنة واحدة وهي التي تتعلق بمخالفة مسك الصيدلي لسجلات خاصة بوصفات المخدرات الطبية وتسجيله . وفي المادة الرابعة عشرة الفقرة (ب) عاقب القانون بالإعدام او بالسجن المؤبد ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة مَن ارتكب بغير أجازة من السلطات المختصة فعلا من الأفعال التالية وهي: استورد أو صدَّر او تاجر بأية صورة من صور المخدرات او أنتجها او صنعها بقصد الاتجار بها أو باعها او سلمها للغير او تنازل له عنها بأية صفة كانت ولو كان ذلك بغير مقابل او توسط في أية عملية من العمليات وحيازة المخدرات أو إحرازها او اشتراها او سلمها بأية صفة كانت بقصد الاتجار بها وكذلك زراعة نباتات القنب وخشخاش الأفيون والقات وجنبة الكوكا او نقل نبات من هذه النباتات في أي طور من الأطوار وتكون العقوبة الإعدام إذا عاد المتهم الى ارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في الفقرة (ب) اذا ارتكب جريمة العود بعد ان سبق الحكم عليه في جريمة عنها ، وإذا كان المتهم قد ترأس جماعة لارتكاب هذه الأفعال وإذا كان المتهم من موظفي او مستخدمي الكمارك او من الموظفين او المستخدمين العموميين المنوطة بهم مكافحة المواد المخدرة او الرقابة على تداولها او حيازتها او كان من الموظفين او المستخدمين العموميين الذين لهم بهذه المواد اتصال من اي نوع كان وإذا كان المتهم من أفراد القوات المسلحة العراقية او مستخدماً فيها او كان يعمل معها او لمصلحتها . ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة ولا تقل عن الحبس لمدة ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على ألف دينار ولا تقل عن خمسمائة دينار من حاز أو أحرز المخدرات او زرع نبات القنب وخشخاش الأفيون والقات وجنبة الكوكا وكان ذلك بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي، وإذا كان المتهم من افراد القوات المسلحة العراقية او مستخدماً فيها او كان يعمل معها او لمصلحتها فتكون العقوبة السجن المؤبد او السجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات وغرامة لا تتجاوز عن ألفي دينار وتشدد العقوبة عليه لتكون بالإعدام إذا وقعت الجريمة أثناء مجابهة العدو . عدل قانون المخدرات رقم ( ٦٨ ) لسنة ١٩٦٥ عدة مرات اخرها في عام ٢٠٠٢ بموجب قانون رقم ( ٣٨ ) . المشرع العراقي وبموجب القرار ( ٣٩ ) لسنة ١٩٩٤ والقرار ( ١٣٥ ) في ١٩٩٦شدد العقوبات في جرائم المخدرات و عد افعال جرائم المخدرات من جرائم تخريب الاقتصاد الوطني من الجرائم المخلة بالشرف ويعاقب مرتكبيها و كل من ساهم في ارتكابها بالإعدام او السجن المؤبد او السجن المؤقت او الحبس مدة خمس سنوات و لخطورة جرائم المخدرات لم يتم شمولها بقانون العفو العام رقم 19لسنة 2008 لكونها من جرائم الخطر العام وهي من الجسامة بحيث تعتبر من الجرائم المنظمة ، وكذلك تم استثناء جرائم الاتجار بالمخدرات في قانون العفو لعام ٢٠١٦ ، لكنه شمل جرائم الحيازة والصناعة والزراعة فيه . الرأي :- يتطلب على المشرع والجهات المختصة اتخاذ الاجراءات الاتية لمكافحة جرائم المخدرات :-
١- تشديد العقوبات بالنسبة لتعاطي و تجارة المخدرات
٢- اعادة النظر في التشريعات العقابية لان التشريعات النافذة ، لم تعد تنسجم مع التغيرات الحاصلة في جرائم المخدرات .
٣- تأسيس جهاز اتحادي متخصص لمكافحة المخدرات يضم كل الاجهزة الامنية والاستخبارتية .
٤- تاسيس قضاء متخصص لمكافحة المخدرات .
٥- تشجيع المخبرين والمتعاطين والمتاجرين باعفائهم من العقوبات في حال اعلامهم السلطات المختصة عن المروجين والمتاجرين في المخدرات .
٦- تهيئة الاماكن المناسبة العلاجية لعلاج المدمنين على المخدرات .

مقالات ذات صلة