اراء و أفكـار

يوم الأسير

بدأ أمس مئات الأسرى الفلسطينيين إضراباً عن الطعام احتجاجاً على الممارسات «الإسرائيلية» اللاإنسانية ضدهم. ويقبع حالياً في السجون «الإسرائيلية» ما يزيد عن سبعة آلاف أسير فلسطيني، منهم 65 أسيرة، وأكثر من 450 طفلاً. وهذا الرقم يعبر عن اللحظة الحالية، فالكيان الصهيوني بالكاد ترك فلسطينياً خارج زنازينه خلال العقود الماضية.
فالاعتقال رديف القتل في السياسة «الإسرائيلية» وكلاهما يهدف من خلال البطش إلى إسكات الشعب الفلسطيني عن المطالبة بحقوقه. والقتل خارج السجون «الإسرائيلية» سريع، أما داخلها فبطيء. فالتعذيب عمل مستمر لا يتوقف، ومن جرائه استشهد في سجون الكيان الصهيوني كما توثقه المصادر الفلسطينية حوالي 207 شهداء.
ومن بين هؤلاء استشهد 73 فلسطينياً بواسطة التعذيب التقليدي، و55 من خلال الإهمال الطبي المتعمد. بينما استشهد 72 فلسطينياً بالقتل العمد بعد اعتقالهم أو إطلاق النار عليهم داخل السجون. فالسجناء الفلسطينيون الذين بدأوا إضرابهم يدافعون عن حقوقهم الإنسانية المهدورة من قبل سلطات الكيان، ويلفتون نظر العالم، خصوصاً للذين يرفعون راية حقوق الإنسان، إلى الظلم الفادح الذي يلحق بهم بسبب الإجراءات «الإسرائيلية» التي تنتهك كل حق يكفله القانون الدولي للسجناء.
فهم يتعرضون للتعذيب الذي يلحق بهم الأضرار الجسمانية والنفسية، ويعانون الإهمال الطبي الذي يؤدي في أحيان كثيرة إلى الموت. والأطفال الفلسطينيون يتعرضون لأبشع صور الابتزاز من السلطات. يضاف إلى ذلك، التعذيب النفسي الذي يأخذ أشكالاً مختلفة من حرمان من زيارات ذويهم، أو اقتحام غرفهم والتنكيل بهم، إلى غير ذلك من المضايقات النفسية والجسمانية. هذه السياسة «الإسرائيلية» بحق الفلسطينيين داخل السجون منسجمة مع السياسة نفسها خارجها.

الكيان الصهيوني يريد أن يقتل المقاومة الفلسطينية، ولا يتورع عن ارتكاب القتل، أو الاعتقال، أو أنواع الاضطهاد الأخرى من أجل تحقيق غايته. وبالرغم من أن هذه السياسة متواصلة منذ عقود، فهي لم تفت في عضد الفلسطينيين، بل تزيدهم إصراراً وتحدياً له. فالإضراب الذي بدأ بالأمس كما الإضرابات الأخرى عبر السنوات الماضية هو التعبير الجلي عن هذا التحدي، الذي يحتاج إلى دعم من كل من يدافع أو يهتم بحقوق الإنسان.

فإن كان الإضراب الذي يقوم به الأسرى الفلسطينيون هو دفاع عن حقوقهم المنتهكة، فهو بطريقة أخرى دفاع عن حقوق الإنسان بحد ذاتها. فما قيمة اللوائح والقوانين التي تدافع عن حقوق الإنسان، حينما يخرس الزاعمون بالدفاع عنها. وهو خرس أوضح ما يكون في البلدان الغربية خصوصاً حينما يتعلق الأمر بانتهاكات الكيان الصهيوني.

مقالات ذات صلة