الخطر الإيراني أعظم من أي وقت مضى
علي حسين باكير
الخطر الإيراني اليوم على ما تبقى من الدول العربية هو أكبر من أي وقت مضى على الإطلاق، منذ اندلاع الثورة الإيرانية في العام 1979، وهناك من يرى أنّ نفوذ نظام الملالي في المنطقة العربية وصل الآن إلى مدى لم يكن قد وصله أي نظام إيراني من قبل منذ قرون.
قبل عقدين ونيّف من الزمان فقط، كانت إيران تصارع من أجل إبقاء موطئ قدم لها في لبنان، وعلى الرغم من استخدامها كل الوسائل والذرائع بما فيها «محاربة إسرائيل»، و»نصرة المستضعفين»، و»الوحدة الإسلامية»، و»محاربة عملاء أمريكا»، لم تستطع أن توسّع من نفوذها.
لكن ومنذ احتلال العراق في العام 2003، استطاعت إيران أن تمد نفوذها ليشمل كلا من فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن وبشكل أقل في دول عربية أخرى. لا تسيطر إيران اليوم على هذه الدول فقط، بل تستخدمها في الدفع بأجندتها القوميّة إلى الأمام بشكل سريع، ولكي تفرض نفسها على دول العالم كزعيمة للمنطقة.
هناك من لا يزال يلجأ إلى الأرقام المتعلقة بالإنفاق الدفاعي للمقارنة بين قدرات إيران العسكرية وقدرات جيرانها، ليصل إلى استنتاج مفاده أن الخطر الإيراني ينطوي على تضخيم، لكنّ أسلوب المقارنات الكمّية هذا هو أسلوب قديم يعود إلى القرن الماضي ولم يعد يقدّم دليلا قاطعاً على تفوّق دولة ما على أخرى، أو على قدرتها على تحقيق أهدافها أو على زيادة الخطر القادم من دولة ما مقارنة بأخرى، فمعنى القوة وشكلها وطريقة استخدامها تغيّر كثيراً.
كلّما مر الوقت كلما أصبح من الصعب إيقاف إيران. طهران أصبحت تسيطر اليوم على القرار في هذه الدول العربية، وتوظّف موارد هذه البلدان (البشرية والمادية والعسكرية) لصالحها، وتستخدمها كخطوط دفاع وساحات قتال لإشغال الآخرين إلى حين تحصين نفسها ذاتيا.
إيران تمتلك الآن جيوشاً من الميليشيات غير النظامية في المنطقة من أبناء البلدان الأصليين، وقد نجحت أيضاً في استقطاب من هم خارج الدائرة العربية، أي من أفغانستان وباكستان وبعدد أقل من دول أخرى في إفريقيا وآسيا الوسطى. بعد الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه مع إدارة أوباما، أصبح من المسموح لها أن تشتري أسلحة تقليدية لتطوير قدراتها العسكرية التقليدية، وأن تقوم بمواصلة تطوير برنامجها الصاروخي، وخلال 10 سنوات سيكون برنامجها النووي شرعيا تماما وستكون قادرة عمليا على إنتاج أسلحة نووية في فترة محدود جدا.
دول مجلس التعاون الخليجي لا تمتلك رؤية واضحة لتحديد الأولويات والمخاطر التي تفرضها إيران، ولا تمتلك آلية ذاتية لإيقاف طهران أو عرقلة تقدّمها على الأقل، وغالباً يقتصر عملها على ردود الأفعال. وحتى في هذا السياق، فان نَفَسَها ضعيف وتعمل على مستوى تكتيكي، ولا يوجد توجيه للجهود التي تؤدي إلى استنزاف إيران عسكريا واقتصاديا، وهو أمر يعود إلى عدم وجد استراتيجية لدى هذه الدول للتعامل مع طهران بشكل فردي أو جماعي.
إذا لم تعالج دول المجلس هذه المشاكل المتعلقة بها، فإن مهمّتها ستصبح أصعب لا سيما مع ازدياد حجم التحديات التي تفرضها إيران عليها، التي تتراكم يوما بعد يوم، كما سيصبح من الصعب جداً إقناع أي قوى خارجية بالالتزام بجهود مشتركة لاحتواء أو مواجهة إيران، وهو ربما سبب من الأسباب التي دفعت إدارة أوباما سابقا باتجاه نظام الملالي.;
نقلاً عن “العرب القطرية”