اراء و أفكـار

أرقام الأسد..

علي نون
هل من جديد يُذكر، أو يفاجئ، أو يصدم، أو يثير الأسى أكثر، في الفصل الحديث من رواية الرعب والارهاب الأسدية، الخاصة بالكشف عن شنق ثلاثة عشر ألف سوري، في سجن واحد؟!

ما الذي يضيفه «الرقم» في هذا المقام؟ وأمام حالة سلطوية راكمت في ذمّتها كل تلك الأرواح والدماء والدمار، وعلى مدى سنوات قاربت إكمال العقود الخمسة.. وافتتحت مدوّنة الفتك منذ لحظة وصولها. بل لم تجد في جعبتها شيئاً آخر غير ذلك الفتك يمكنها من الوصول والتحكّم؛ والاستمرار، أو محاولته!

ثلاثة عشر ألف إنسان هم جزء بسيط من تراكم أفضى، حسب الأرقام المعلنة والموثّقة لدى الباحثين والعارفين والهيئات الإنسانية الدولية ومراجع المعارضة السورية، الى مقتل ما لا يقلّ عن نصف مليون سوري في غضون السنوات الست الماضيات فقط! يُضاف إليهم في الإرث الأسدي – البعثي، عشرات الألوف، في سوريا وحدها، عدا «الفراطة» في لبنان وبين الفلسطينيين وغيرهم.

ما الذي يضيفه «الرقم» في هذا المقام؟ إذا كان نصف تعداد الشعب السوري، أي أكثر من عشرة ملايين إنسان، أُجبروا على النزوح من بيوتهم وأرزاقهم تحت وطأة القصف والتنكيل والقتل وكل ما يمكن تخيله من صنوف العدم الأسدي/ البعثي. ونحو مليونين أو أكثر أصيبوا بجروح مختلفة وجزء كبير منهم «ضُرِبَ بعاهة» دائمة..

هل يضيف هذا الفصل المروّع شيئاً حاسماً لإدراجه في مدوّنة عالم برمّته ينام ويصحو على وقع الضخ المستمر عن الإرهاب، مدارسه وتنظيماته وأصنافه وهوياته وإيديولوجيّاته؟ وهل تعني هذه الإضافة زيادة الثقل في ملف الأسد ورعاته وحُماته بما يسمح (أخيراً) بتأكيد تصنيفه «رسمياً» بأنه أكبر إرهابي في العالم؟ وأخطر ظاهرة عدميّة عبثيّة في التاريخ الحديث، بعد الحرب العالمية الثانية، و بعد ستالين، أو قبله (لا فرق!)؟!

أم ان هذه الظاهرة لم تستنفد كل وظائفها بعد؟ ولا يزال أمامها إكمال الهريان في البنيان السوري بشراً وحجراً ثم إنضاج ما يكفي لدفع العقول المترفة الى تغيير عاداتها وطرق تفكيرها وخلاصاتها وبالتالي تدجينها لقبول «فكرة» إن شجرة الإرهاب (مثلاً) أكبر من إرهاب غابة نظام الأسد وأشباهه، وإن قتل نصف مليون إنسان على أيدي إرهابي «مفيد» يوازي قتل عشرة أشخاص على أيدي إرهابي «ضار»؟! ألَم تكن هذه وتلك، جزءاً من سلوكيات مستر أوباما و«نظريته» الأثيرة عن «إسلام أكثري» يحمل في جيناته جذور الإرهاب، وإن الطرف الآخر، الإيراني والأسدي استتباعاً، هو جزء يمكن استيعابه في منظومة التنوير وحقوق الإنسان والحرية والتمدن في عالم اليوم؟!

أليست ارتكابات الأسد ورعاته وفظاعاتهم المعلنة والمكشوفة على الأقل، هي في المحصلة نتيجة الاستنكاف الاوبامي عن التحرك المضاد، وعدم السماح لأحد من أهل المنطقة بالتحرك لوقف هذه النكبة عند حدّها، بما كان سيعني تلقائياً ومنطقياً تخفيض مستوى غلوّ الجماعات الإرهابية، «الأصيلة» والمفبركة ولجم «وظائفها» وتمدداتها خارج المدار الجغرافي للحرب؟!

.. هل يسمح ذلك كله بالافتراض أن البدء بفلش أوراق الأسد وارتكاباته هو جزء من سياسة دونالد ترامب الجديدة إزاء إيران؟!

نقلا عن “المستقبل اللبنانية”

مقالات ذات صلة