اراء و أفكـار

أوروبا الجديدة

عادل الحميدان

لم تفوت الأحزاب اليمينية في القارة الأوروبية فرصة خطاب دونالد ترامب في حفل تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة الأميركية دون أن ترفع من حدة نبرتها الشعبوية التي تسعى إلى خلق أوروبا جديدة بعيدة عن الاتحاد والمهاجرين. ووفق مارين لوبان المرشحة للرئاسة الفرنسية والتي تمثل رأس الحربة في قائمة الشعبويين اليمينيين في أوروبا فإنه بعد قرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانتخاب ترامب رئيساً لأميركا فإن عام 2017 سيشهد “صحوة شعوب وسط أوروبا”، قبل أن تفجر القنبلة بقولها “إن الاتحاد الأوروبي مات ولكنه لا يعلم”، وهذا الخطاب لا يعني الأوروبيين وحدهم بل هو رسائل أشبه برصاصات تحذير للعالم أجمع، فأوروبا بثقل دولها السياسي والاقتصادي وتاريخها الاستعماري وامتداداتها الثقافية هي أهم مراكز صنع القرار الدولي، بصرف النظر عن العملاقين الأميركي والروسي اللذين لا يمكنهما الانفراد بالمشهد دون دعم أوروبي يراعي خلق التوازنات ويشكل أرضية تستوعب ردود الأفعال. مرحلة ما بعد نهاية الاتحاد أصبحت هي العنوان الذي يتصدر المسرح السياسي والاقتصادي في القارة العجوز، حتى أن منتدى دافوس خصص حلقات للنقاش حول هذا المحور الذي يمهد لختام رحلة قطار العولمة، وانتهاء حقبة شعاراتها وتبعاتها من الشركات المتعددة الجنسيات وتحرير التجارة، وهو ما يعني إعادة رسم خارطة اقتصادية جديدة للعالم الذي لم ينجح في استيعاب أجندة العولمة وفك رموزها في سنوات شكلت الحروب والأزمات السياسية والركود الاقتصادي أبرز محطاتها. هذه التحديات الدولية تفرض على عالمنا العربي التعامل معها بحذر آنياً، والعمل مبكراً على إعداد إستراتيجية مستقبلية تتجاوز واقعاً أليماً تعيشه أمتنا إلى وضع قدم في عالم جديد عادت فيه الحدود الفولاذية للارتفاع لتحمي شعوبها من أخطار لم تصنعها إلا سياسات لاعبي العولمة الرئيسيين.

نقلا عن “ايلاف”

مقالات ذات صلة