اراء و أفكـار

أجواء دولية «غير تصادمية» حول ملفات المنطقة

ثريا شاهين

تتوقع مصادر ديبلوماسية بارزة أن تشهد العلاقات الدولية في مرحلة ما بعد تسلّم الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب مهمته في 20 كانون الثاني الحالي، فترة تفاوض وحوار، بدلاً من أن تكون واشنطن وموسكو وكافة القوى الاقليمية في مواجهة بعضها بعضاً.

إذ إن العلاقة بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الفرنسي المنتظر في نيسان فرانسوا فيون، ستحكمها الرغبة في التوافق، ما يؤسّس لتوافق دولي ينعكس على أجواء المنطقة، والتعامل مع ملفاتها العالقة. ولاحظت المصادر انه لا توجد جبهة صلبة في كل المنطقة، من باكستان إلى المغرب العربي، مروراً بالشرق الأوسط. فكل الأفرقاء يسعون منذ الآن إلى التكيّف مع الوقائع على الأرض.

فكل جهة أو دولة لديها من المشاكل ما يكفيها، إن في مجال الإرهاب أو الإسلام المتشدّد، اللذين لا يرحمان أحداً، حتى لو لم تكن سياسة ترامب واضحة منذ الآن، لكن، لا يتوقع إلا أن يتعامل وفق سياسة واقعية. لم تكتمل بعد تشكيلة فريقه، فهو قد ينسق مع روسيا، وقد يعتبر انه يريد الهيمنة الأميركية في العالم. الخوف الأساسي الأميركي هو من الصين وليس من روسيا. الصين تمثّل تهديداً وخطراً حقيقيين على الولايات المتحدة. روسيا ليست قوة اقتصادية كبيرة، بل انها قوة محدودة، وهي قوة معنوية، ودورها الآن يقتصر تقريباً في سوريا. لكنها لا تستطيع القيام بدور مماثل لما تقوم به في سوريا في دول عدة من العالم، لأن اقتصادها لا يساعدها. وما فعلته في سوريا على الأرجح هو لتثبيت نفسها للتفاوض.

إذاً، هناك الخوف من التيار الإسلامي، والمصالح الاقتصادية مع روسيا، ومشكلة الأكراد، ومشاكل اندونيسيا البعيدة عن التأثيرات على المنطقة، والخليج وحربه في اليمن. لكن لم تنتج التطورات جبهة كبيرة تستطيع حسم الأمور. والعديد من الدول التي تدعم النظام السوري لديها علاقات مع دول تعدّ داعمة للمعارضة في حدود معينة، في اطار اللعبة الجديدة، وليس هناك من توجّه بأن تكون دولة ما ضدّ دولة أخرى.

هناك تناقض ضمن مواقف ترامب حتى الآن. لكن في الأساس يهمه إعادة سلطة بلاده في العالم. والسؤال هل من تغيير في أسلوب التفاوض؟ أي هل يتم التفاوض في ظلّ عدم استقرار في سوريا؟ وهذا ما حصل في حالات عدة في العالم. أم يحصل وقف نار على كافة الأراضي السورية ريثما تبدأ المفاوضات على هذا الأساس؟ أم يكون التوجّه بالانتهاء من معركة ادلب والرقة ثم التفاوض، أم التفاوض ضمن المعادلة الحالية، أي سقوط حلب فقط؟ ادلب تبدو أنها خاضعة في مصيرها لقرار روسي، فيما الرقة خاضعة لقرار أميركي، له علاقة بموضوع الموصل.

وانتظار الموقف الأميركي للإدارة الجديدة سيستغرق قتاً. إذ هناك الاستماع في الكونغرس للذين تم تعيينهم في الإدارة الجديدة، بحيث أن موافقة الكونغرس عليهم ملزمة. ثم ضرورة ان يجتمعوا معاً ويعدّوا الخطط المستقبلية في اطار السياسة الخارجية وللمنطقة. المعينون هم أشخاص جدد في السياسة وليست لديهم خبرة سابقة، لذلك القرارات الأميركية لا تبدو سريعة.

لكن أول مرحلة في سياسة ترامب هي الحدّ من دور إيران في المنطقة. فكيف سيعمل لتحقيق ذلك إذا حارب الإرهاب ولم يسلّح المعارضة؟ وإذا كان ترامب يعتقد أنه سيستخدم روسيا لهذه الغاية، فإنها ستقبل إذا كانت لديها مصلحة في الموضوع. سياسته حيال سوريا قيد الانتظار، لكن من المؤكد أنه سيضغط على إيران وعلى دورها الاقليمي، وليس مَن يدرك منذ الآن كيف سينسجم هذا التوجّه بالتزامن مع التعاون الذي يبديه مع الروس ومحاربة الإرهاب في سوريا؟

نقلا عن “المستقبل اللبنانية”

مقالات ذات صلة