اراء و أفكـار

تغيير التوازنات الدولية ينتظر.. تسلّم ترامب

ثريا شاهين
لم يتوجّه نازحون سوريون جدد إلى لبنان نتيجة سقوط حلب، بل توجهوا إلى أماكن أخرى في سوريا وتركيا. لكن من بين نتائج سقوط حلب إطالة أمد الحل لقضية النازحين السوريين في الدول المضيفة لهم ومن بينها لبنان، بفعل الصعوبات أمام التفاوض الحقيقي بين النظام والمعارضة، والوقت الذي سيستغرقه اتضاح صورة موقف الإدارة الأميركية الجديدة من الحل هناك.

وتفيد مصادر ديبلوماسية أن روسيا تحاول تجيير نتائج سقوط حلب لمصلحة النظام، وهي دعت إلى التفاوض السياسي السوري – السوري، لكن أي مفاوضات لن تحمل المصداقية لأن روسيا والنظام سيسميان عدداً من الشخصيات المعارضة المحسوبة على النظام. في حين أن المعارضة الفعلية ليس من مصلحتها حالياً الدخول في التفاوض لأنها لم تحقق أخيراً أي انتصار على الأرض تتمسك به. وتسعى روسيا لدى تركيا للإتيان بشخصيات من المعارضة توافق عليها. روسيا تنتقد الموفد الدولي للحل في سوريا ستيفان دي ميستورا بأنه لا يدعو إلى التفاوض، لكنه لا يستطيع إلا أن يدعو إلى ذلك مهما كان وضع المعارضة. فهو دعا إلى أن تنعقد المفاوضات في شباط، عندها قد تكون هناك معطيات دولية جديدة. إذ تكون إدارة الرئيس دونالد ترامب قد تسلمت مهمتها وتكون هناك أجواء أخرى. الآن لن تقبل المعارضة بالتفاوض لأنها لا تريد التوقيع على صك استسلام، وهي أساساً غير موافقة على إعلان موسكو الأخير، حول التفاوض في «أستانة».

يبدو أن الروس الآن لن يستمروا في استهداف مدن أخرى لإسقاطها، لا سيما وأنهم بعد موافقتهم على قرار مجلس الأمن حول المراقبين الدوليين في حلب يريدون عملية سياسية. لكن التوجّه الروسي الفعلي غير واضح فقد يبدأون عملية عسكرية أخرى في إدلب مشابهة لحلب.

المعارضة من الصعب أن يتحسن وضعها خلال شهر أو شهرين، إنما إذا تغيّرت التوازنات الدولية فيؤثر ذلك في دينامية الحل والتفاوض. أي بمعنى آخر، إذا أوقف الروس قصفهم لإسقاط المدن، عند هذا الحد، عندها سيكون وضع المعارضة مختلفاً، لا سيما وأن لا إيران ولا «حزب الله» هما اللذان فعلا الفرق في سوريا. فضلاً عن ذلك، هناك مناطق محيطة بحلب لا تزال تتمركز فيها المعارضة. ما يعني أنه بعد شهرين، تكون قد ظهرت نوعاً ما سياسة ترامب، وماذا يريد أن يفعل في أزمة سوريا، وتكون تداعيات سقوط حلب قد تم احتواؤها. ومسألة حلب لا تنهي وجود أغلبية المعارضة، لأن هناك معارضة منتشرة في ريف حلب وإدلب ودرعا.

ولم تستطع الجهات العربية الداعمة للمعارضة إيصال المساعدات والسلاح إلى داخل حلب في الآونة الأخيرة، بفعل الحصار المفروض عليها، في حين أن مناطق أخرى استفادت من هذا الدعم. الروس أزالوا حلب، واتبعوا أسلوب التعامل مع غروزني، ولم يعد يقف في وجه الروس إلا قوة موازية، وهي قوة الأميركيين، الذين لم يتحركوا حتى أن جهات أميركية اعتبرت أن ما حصل في حلب هو فشل للرئيس باراك أوباما. في استراتيجية النظام اعتمد القصف للقوافل الإنسانية الدولية، والحصار لتجويع الناس للاستسلام قبل المقاتلين. وكانت روسيا تقصف المستشفيات في هذا الوقت لكي لا يستطيع أحد أن يخضع للمعالجة. كل ذلك إثر على مقاومة الناس والمقاتلين.

في الحروب، لا تُستهدف القوافل الإنسانية. لقد اعتمد القصف الممنهج الذي لا يتبع أي قواعد دولية، في حين لم تواجه موسكو ضغوطاً دولية شديدة، ولم تقابلها على الأرض أي قوة مماثلة.

الأميركيون يهمهم أن يستمر الاتفاق النووي سارياً، وأن يستمر الاتفاق مع كوبا قائماً. وبلغ تأثير ذلك على سوريا الحد الذي لم يعد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يأبه لموقف نظيره الأميركي جون كيري، ولم يعد يهتم لما يقوله. وأخيراً دعت موسكو إلى اجتماع يُعقد في كازاخستان بينها وبين أنقرة وطهران، الولايات المتحدة غير مدعوة إليه. وحتى اتضاح الموقف الأميركي من الوضع السوري، موسكو تلعب الدور الكبير، مع أنه ظهرت تناقضات بينها وبين إيران لدى الإجلاء من حلب.

نقلا عن “المستقبل اللبنانية”

مقالات ذات صلة