اخبار العرب والعالم

الجيش السوري يجند المطلوبين للخدمة العسكرية والاحتياط من شرق حلب

قبل ايام، خرج محمد والو من احد الاحياء في شرق حلب التي سيطر عليها الجيش السوري أخيراً لشراء بعض الحاجيات، ليكتشف لدى مروره على حاجز ان اسمه في عداد المطلوبين للخدمة الاحتياطية، ويتم نقله الى مركز حكومي في غرب المدينة.

ويروي محمد (35 عاماً) في مركز للشرطة العسكرية في غرب حلب، “ذهبت من منزلي في حي الهلك الفوقاني الى حي الميدان لشراء الاغراض مع والد زوجتي”.

ويوضح الرجل ذو العينين الخضراوين والذي يرتدي سترة جلد بنية اللون، “لدى مروري على حاجز للجيش، ابلغوني انني مدعو للاحتياط، وجئت لأن علي (تلبية) نداء الواجب”.

وكانت تلك المرة الاولى التي يخرج فيها محمد الذي يعمل في اصلاح الالكترونيات من حي الهلك الفوقاني حيث كان يقيم منذ اندلاع النزاع. ويضيف “كنا محاصرين وكانت هذه اول مرة ادخل فيها مناطق الدولة”.

ويوشك الجيش السوري اثر هجوم بدأه منتصف الشهر الماضي على السيطرة على معظم الاحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة الفصائل المقاتلة منذ العام 2012، بعد معارك طاحنة مع الفصائل المعارضة. ويستعد اليوم آلاف المقاتلين لمغادرة ما تبقى من هذه الاحياء بعد اتفاق تم برعاية روسية وتركية وبموافقة السلطات السورية.

ومحمد واحد من نحو 700 شخص نقلهم الجيش الى مركز الشرطة العسكرية في حلب منذ بدء هجومه على الاحياء الشرقية، وفق ما يقول القيمون على المركز.

ولا يخفي محمد تأثره لابتعاده عن عائلته وخصوصا ابنه. ويجهش بالبكاء لدى الحديث عنه.

ويضيف مواسياً نفسه “لأجله، علي أن أخدم في صفوف الجيش، لكي اورثه ارضاً لا خراب فيها”.

وعلى غرار محمد، يقف عشرات الشبان والرجال من فئات عمرية مختلفة في حلقة دائرية في باحة مركز الشرطة العسكرية في غرب حلب، وقربهم عدد من الضباط. وجميعهم من سكان الاحياء الشرقية المطلوبين للخدمة الالزامية او لخدمة الاحتياط في الجيش.

– 700 مطلوب –

ويصغي الرجال الى شرح يقدمه رئيس فرع الشرطة العسكرية في حلب العميد حبيب صافي الذي يؤكد لهم انهم “يعاملون وفق الانظمة والقوانين النافذة”.

وتلزم السلطات السورية الشبان عند بلوغهم سن الثامنة عشر تأدية الخدمة الالزامية في الجيش لمدة تتراوح بين عام ونصف وعامين.

وبعد ادائه الخدمة الالزامية، يُمنح كل شاب رقما في الاحتياط ويمكن للسلطات ان تستدعيه في اي وقت للالتحاق بصفوف الجيش خصوصاً في حالات الطوارئ.

وخسر الجيش السوري منذ بدء النزاع منتصف آذار/مارس 2011، عدداً كبيراً من جنوده. وقال الرئيس السوري بشار الاسد في مقابلة الاربعاء مع قناة روسية ان الجيش تكبد “خسائر كبيرة بالعتاد والأرواح”، مضيفاً “لدينا الكثير من الجرحى الذين خرجوا عن إطار العمل العسكري بسبب عدم قدرتهم الآن على القيام بمثل هذه الأعمال”.

ويوضح العميد صافي، ان “تحرير الاحياء الشرقية في حلب يرفد الجيش العربي السوري بمجموعة من الشباب” سيشكلون في وقت لاحق “قوى رديفة للجيش تقاتل في صفوفه”.

ويشير الى انه تم تجنيد “نحو 700 شخص بعد بدء الاعمال القتالية في شرق حلب والعدد الى ازدياد”.

وبحسب العميد صافي، يخضع الاهالي الخارجون من شرق حلب لعملية تدقيق في سجلاتهم، ويتم “استقطاب كل من هو مدعو للاحتياط او متخلف او فار من الجيش ونقلهم الى مراكز التجميع″ حيث يخضعون خلال سبعة ايام لدورات تدريبية وارشادات.

ويتم نقلهم بعد ذلك الى مراكز يوزعون منها على مختلف تشكيلات الجيش التي تحتاج عديداً اضافياً، وفق صافي.

ويروي محمد علي (19 عاماً)، وهو احد الشبان المطلوبين للخدمة العسكرية، انه خرج من حي مساكن هنانو حيث كان يقيم ويعمل في توزيع المياه.

ويقول “كنت اعرف انني مطلوب للخدمة الالزامية، لكنني كنت خائفاً قبل خروجي. وبعدما رأيت المعاملة سلمت نفسي”.

ويتابع “لم احمل السلاح” خلال سيطرة الفصائل المقاتلة على شرق حلب، قبل ان يضيف “لكنني ان شاء الله سأخدم الجيش السوري ومرادي فقط ان ألبس البزة وأحمل البارودة لأضرب الفساد”.

-”ربي يحميه” –

خارج مركز الشرطة، ينتظر الاهالي ومعظمهم من النساء والاطفال لكي يسمح عناصر الجيش بدخولهم على دفعات الى الباحة الخارجية للقاء اولادهم واقربائهم.

وتقول افتخار لباد (45 عاماً) وهي تحمل حفيدها الرضيع وتنتظر رؤية ابنها احمد، “لم نكن نعرف انه مطلوب للاحتياط” حين “اخرجنا الجيش قبل 15 يوماً من حي طريق الباب” في شرق حلب.

وتضيف وهي تضع حجاباً اسود اللون على راسها “انتظر رؤية احمد الموجود في المركز″، مضيفة باللهجة المحكية “ربي يحميه”.

وتأمل هذه السيدة وهي واحدة من عشرات الاهالي الذين كانوا ينتظرون رؤية افراد من عائلاتهم ان “تنتهي الحرب ان شاء الله (…) وأن يعودوا لبيوتهم واولادهم”.

وعلى غرار افتخار، قصد امين درزي (50 عاماً) مركز الشرطة للاطمئنان على ابنه غداة وصول العائلة من حي الصالحين.

وعلى رغم اصابة ابنه البالغ من العمر 27 عاماً قبل عامين بقذيفة تسببت ببتر اصابع احدى يديه واستمرار معاناته جراء جروح في راسه ورجله، نقل أمين الى مركز الشرطة.

ويقول الوالد “عالجناه بعد الاصابة لكن ليس بالشكل المطلوب (…) لم اره منذ يوم امس على أمل ان اطمئن عليه واعطيه الدواء”.

ويتابع “كنا نود علاجه فقط، انا مستعد للذهاب الى الاحتياط، انا جاهز″، قبل ان يضيف “أنا مطمئن عليه انه بيد الجيش واعرف انه بأمان، لكن المهم الدواء”.

مقالات ذات صلة