ضرورة اتفاق الدول المنتجة للنفط
رندة تقي الدين
اليوم موعد حاسم لوزراء نفط منظمة «أوبك» في فيينا. فالأخبار والمفاوضات تشير إلى احتمال فشل المؤتمر في التوصل إلى اتفاق لتوزيع حصص تجميد الإنتاج أو تخفيضه ليصبح إنتاج المنظمة بين ٣٣ إلى ٣٢,٥ مليون برميل في اليوم بحسب اتفاق الجزائر في شهر أيلول (سبتمبر). وعلى رغم انخفاض الأسعار قبل الاجتماع حيث شهدت ظهر أمس هبوطاً بحوالى دولار لبرميل البرنت والخام الأميركي للعقود الآجلة، يقول أكثر من خبير أنه لا يمكن أن يعود الوزراء إلى دولهم مع فشل المؤتمر لأن الأسعار ستنخفض إلى أقل من ٤٠ دولاراً للبرميل ولا أحد يتمنى ذلك.
فإيران مصرة على أن إنتاجها هو ٣،٩٢ مليون برميل في اليوم في حين أن المصادر المعتمدة لأرقام الإنتاج في «أوبك» تقول إن إنتاجها ٣،٦ مليون برميل في اليوم. وإيران مصرة على أن حصتها هي عند مستوى ما قبل العقوبات أي ٤ ملايين برميل في اليوم ولا تريد أي تخفيض بل تطالب بتجميد من حصة لا تنتجها. والعراق يصر على أنه ينتج ٤،٧ مليون برميل في اليوم في حين أن «أوبك» تعتمد رقم ٤،٣ مليون برميل في اليوم للإنتاج العراقي. فالعقد متعددة للتوصل إلى اتفاق في شأن تحمل التخفيض لكل دولة. ولكن مصلحة جميع الدول الأعضاء ينبغي أن تتجاوز هذه العقد لأن الجميع بحاجة إلى منع سعر النفط من التدهور لأن عائدات هذه الدول هي أساساً من مبيعات نفطها. ووزير الطاقة الجزائري نورالدين بوطرفة وهو جديد على عمل المنظمة لم يتوقف عن التفاوض والسفر للقاء القيادات في إيران وفي روسيا لمحاولة إقناعها بأن عدم الاتفاق خطير على معظم اقتصاديات الدول النفطية وفي طليعتها الجزائر وفنزويلا وإيران والعراق ونيجيريا، علماً أن نيجيريا وليبيا أعفيتا من أي تخفيض أو تجميد إنتاجي بسبب أوضاعهما الأمنية.
حتى الدول الخليجية الغنية لا تريد أي خفض في الأسعار لأنها بحاجة إلى الاستمرار في خططها التنموية. فعلى رغم تباين المواقف في «أوبك» وتعنت بعض الدول لا بد أن تصل المنظمة إلى اتفاق للحد من الإنتاج وتوزيع الحصص لبضعة أشهر لأن الكل معني بعدم ترك أسعار النفط تتدهور. وكان وزير النفط السعودي خالد الفالح توقع أن السوق النفطية ستستعيد توازنها ولكن ذلك لا يمكن أن يتم إذا بقي إنتاج المنظمة على ما هو حالياً في حدود ٣٤ مليون برميل في اليوم، أي بفائض مليون برميل في اليوم ينبغي إزالته للعودة إلى اتفاق الجزائر.
وإذا توصلت دول «أوبك» إلى تسوية في فيينا اليوم فالمهم هو الالتزام بها. إذ كثيراً ما كانت الدول توافق على اتفاق ولكنها لا تلتزم به. والدولة التي كان لها تاريخ من الالتزام بحصتها هي السعودية أكبر منتج في «أوبك». ولكن السعودية لا يمكن أن تقوم وحدها بخفض الإنتاج لمصلحة غيرها من المنتجين. فالمصلحة مشتركة بين الدول المنتجة لرفع سعر برميل النفط وتحسين عائداتها. ففائض الإنتاج الموجود في الأسواق ينبغي أن يزول وإلا زاد مستوى المخزون العالمي مع احتمال بقاء أسعار النفط منخفضة للسنة المقبلة. وكلما انخفضت الأسعار زادت صعوبة الاتفاق على تخفيض الإنتاج بين دول أوبك. والتاريخ شاهد على أن انخفاض أسعار النفط أدى أحياناً إلى حروب بين أعضاء المنظمة. فكيف لا ننسى أن صدام حسين اتخذ من انخفاض أسعار النفط ذريعة لاجتياح الكويت؟ إن الأوضاع لم تعد مثل الماضي ولكن بعض الدول الأعضاء في «أوبك» تلعب بالنار وتتمسك بمواقف ليست لمصلحة منظمة تحمي عائداتها وأنشئت لهذا الهدف. فالاتفاق ضروري إذا أرادت سعر نفط أفضل.
نقلا عن “الحياة اللندنية “