اراء و أفكـار

واشنطن وطهران وحوار الطرشان

عبدالله العلمي

أكد خطيب جمعة طهران آية الله موحدي كرماني أنه لا ضرورة للتفاوض مع الولايات المتحدة لتسوية المشاكل، لافتاً الانتباه إلى “كذب ونكث الوعود” الأميركي عبر الاتفاق النووي. جاء هذا التصريح وكأن ملالي إيران بمرتبة الصحابة رضي الله عنهم في الصراحة والصدق والأمانة.

الرئيس الأميركي باراك أوباما -على غير عادته- رد الصاع صاعين، فأعلن أنه اتخذ قراراً بتمديد عمل الحظر الأميركي أحادي الجانب ضد إيران لمدة سنة واحدة. يبدو أن رد فعل واشنطن جاء على خلفية استمرار طهران “باللف والدوران”، لا سيما وأن العلاقات مع إيران لم يتم تطبيعها إلى الآن.

في أكتوبر 1979، استضافت واشنطن شاه إيران على أراضيها لتلقي العلاج. بعد وصول الشاه للولايات المتحدة بأيام قليلة، قام طلاب إيرانيون بالهجوم على السفارة الأميركية في طهران وقبضوا على 90 رهينة، مطالبين، بتأييدِ من الخميني، بتسليم الشاه مقابل الإفراج عن الرهائن. كلنا نعلم الصفقة الإيرانية الأميركية التي تمت بعد ذلك.

في سبتمبر 2013، أجرى الرئيس حسن روحاني مكالمة هاتفية مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، استؤنفت بعدها العلاقات الدبلوماسية بحذر واضح وعدم الثقة والتشكيك من كلا البلدين. طهران لن تنسى دعم الولايات المتحدة للانقلاب على حكومة محمد مصدق. أما واشنطن، فهي قطعاً لن تنسى قضية رهائن سفارتها، وخاصة أن الإيرانيين يحتفلون بذكرى الهجوم على السفارة كل عام مرددين هتافات وشعارات (قص ولصق) معادية لأميركا مع الحرص على إحراق العلم الأميركي في تلك المناسبة.

ماذا عن جيران إيران؟ السلطات الأمنية الأفغانية المدعومة من واشنطن، اتهمت إيران رسميا بتقديم الدعم العسكري واللوجستي لحركة طالبان التي صعدت عملياتها الإرهابية في الآونة الأخيرة في مختلف مناطق أفغانستان.

إيران تستمر في الكذب، فبينما صرح المتحدث باسم الوكالة الإيرانية للطاقة النووية بهروز كمالوندي التزام طهران بالاتفاق النووي المبرم مع القوى الكبرى في يوليو 2015، إلا أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت هذا الأسبوع أن طهران تجاوزت بحوالي 100 كيلو السقف المحدد للجمهورية الإيرانية بـ130 طنا في مخزون الماء الثقيل.

رد واشنطن جاء سريعاً، فقد أقر مجلس النواب الأميركي مشروع قرار يمنع بيع طائرات بوينغ لإيران، رغم الجدل بين معارضي الاتفاق مع إيران من الجمهوريين ومؤيديه من الحزب الديمقراطي. القرار ينص على منع إصدار أي ترخيص للبنوك الأميركية للتعاملات التجارية من قبل شركات الطيران الأميركية مع إيران.

هذا ليس كل شيء، الزعيم الجمهوري لمجلس الشيوخ الأميركي ميتش ماكونيل، أكد أن المجلس سيصوت لتجديد العقوبات على إيران لمدة 10 أعوام قبل أن يرفع جلساته الشهر المقبل، وسيرسل مشروع القانون إلى البيت الأبيض؛ حيث يوقع عليه الرئيس باراك أوباما ليصبح قانوناً نافذاً. تاريخ “حوار الطرشان” الأميركي الإيراني حافل بالأحداث. في أبريل 2014 رفضت واشنطن إعطاء تأشيرة دخول للسفير الإيراني حامد أبوطالبي إلى الأمم المتحدة في نيويورك، بدعوى مشاركته في الهجوم على السفارة الأميركية عام 1979. كذلك صوت مجلس النواب الأميركي هذا الأسبوع على تمديد قانون العقوبات على إيران لعشر سنوات بأغلبية 419 صوتا. الولايات المتحدة قد تصافح أعداءها، ولكنها لا تنسى الإساءة.

نقلا عن “العرب”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً