اراء و أفكـار

«مؤتمر باريس» الذي كان

فرنسا التي تحاول أن تجد لها دوراً في منطقة الشرق الأوسط، وجدت في القضية الفلسطينية مدخلاً محتملاً لذلك. فمنذ فترة تعمل القيادة الفرنسية لتسويق مبادرة سلام بين الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية. وقد روجت لفكرة عقد مؤتمر في باريس لهذا الغرض.
ربما لو كانت هيلاري كلينتون هي الرئيس المنتخب لسارت المبادرة في طريقها، حيث كان من الواضح أن التحرك الفرنسي لم يكن من دون التنسيق مع الإدارة الأمريكية الحالية. ويبدو أن كليهما كان متفقاً على أن سياسة نتنياهو لم تكن في مصلحة الكيان ولا في مصلحة البلدان الغربية. لذلك، كان التحرك الغربي مرتبطاً بالتنويه بعدم الرضا عن هذه السياسة، وكذلك، من أجل وضع حد لتهور حكومة نتنياهو خصوصاً في موضوع الاستيطان.
لكن فوز ترامب قلب المعادلة. ويبدو هذا واضحاً من الموقف الأمريكي الذي أبلغ الجانب الفرنسي عدم تحمسه لعقد المؤتمر. وهو أمر طبيعي، إذ لا يمكن لإدارة أوباما العرجاء أن تتبنى سياسة قد لا تنسجم مع ما يريده الرئيس المنتخب. ومن دون الحماس الأمريكي، ومع وجود الرفض «الإسرائيلي» لحضور هذا المؤتمر فلا يمكن توقع أن تمضي فرنسا قدماً. فلا عجب أن تتراجع فرنسا عن عقد المؤتمر، وهو أمر يعكس بكل وضوح أمرين.
الأول، أن دور فرنسا لا ينبع من قوة ذاتية وإنما من قوة دافعة أمريكية، وعلى الأقل من موافقة «إسرائيلية». فهي بهذه الطريقة ليست إلا مسهلاً للسياسة الأمريكية. أما الأمر الثاني، فهو شاهد على احتمال تغير في السياسة الأمريكية. إذاً لو كانت الإدارة الأمريكية الحالية ترى استمرارية في السياسة الأمريكية المقبلة بشأن القضية الفلسطينية فلربما ما كانت أبلغت عدم حماسها لعقد المؤتمر.
ومن هذا المنطلق، فقد دخلت الحركة الدبلوماسية بشأن القضية الفلسطينية في ثلاجة الانتظار، وهو انتظار سيطول. فحتى لو أعلن ترامب تفاصيل سياسته في بداية فترته وكانت لا تخرج عن الخطوط العامة للسياسة السابقة، فإن الإجراءات لملاحقتها ستأخذ فترة ليست بالقصيرة.
وهذا أمر مريح لنتنياهو لأنه سيستغل فترة الانتظار للمضي قدماً في تنفيذ سياساته. أما إذا مضى ترامب في ما أعلن عنه خلال فترة ترشحه للرئاسة فإن ذلك سيؤدي إلى تطور خطر يقلب الموازين وقد يقود إلى تغير نوعي في الوضع القائم. هذا التطور النوعي قد يكون سياسة للكيان أكثر جرأة وحدّة في تغيير الوضع الراهن على الأرض الفلسطينية. وهو تغير إن لم يكن ضماً كاملاً، فهو يمهد لهذا الضم.
فهل ستنتظر السلطة حتى يحصل هذا الأمر؟

 

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً