اراء و أفكـار

الموصل توحدنا

%d8%b3%d9%84%d9%8a%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%a8%d9%88%d8%b1%d9%8a

د. سليم الجبوري**رئيس مجلس النواب العراقي
بقيت المراهنات على فشل معارك التحرير من قبل الخاسرين – غير داعش – مستمرة، أملا بتقويض الجهد الوطني الذي يتجه نحو إكمال صولة العراق ضد الاٍرهاب والتي تكمن مهمتها بتطهير كامل ارض الوطن من رجس داعش التي يبدو يوما بعد آخر انها لا تقف بمفردها في الخندق بل هناك من يقف وراءها مشجعا او داعما، او على الأقل راغبا ببقائها او حتى بانتصارها وتقدمها.
وحين ننظر الى مسار حركة قواتنا المحررة وهي تقطع الكيلومترات مسيرا يوميا باتجاه النصر الناجز ندرك ان كل مقاتل منها عرف بما لا يقبل الشك والتردد قيمة ما يفعله، وعلم يقينا ان خوضه هذا الغمار يكتب التاريخ بحروف من ذهب، ويعبّد الطريق الآخر نحو التسوية التاريخية في مسارها السياسي والاجتماعي، فهو لا يحقق نصرا فردا بل مزدوجا في مهمة عظيمة وفريدة واستثنائية لم يحققها جيش آخر في التاريخ الحديث.
وأصبح بإمكاننا الشروع بشكل مباشر في الحوار الوطني الهادف والعملي بعيدا عن املاءات ما وراء الحدود وتقلبات المزاج الإقليمي، والرضوخ لمصالح الآخر بالنيابة، فالنصر يصنع المعجزات، وآثاره النفسية على الفرد والمجمتع بل وعلى الدولة قادرة على تذويب جبال الجليد الوهمية التي صنعها تراكم الجفاء السياسي والمصالح الضيقة لهذه الجهة او تلك، وشيء من رغبات الخارج التي لا تريد بالعراق خيرا. تتشكل اليوم ‏صورة جديدة عن احتراف ومهنية قواتنا المقاتلة وقدرتها على تجاوز الصعوبات العسكرية لا سيما أنها تقاتل أشرس مجموعة إرهابية محترفة وقادرة على المناورة في مناطق مليئة بالمدنيين من السكان ، ‏ورغم كل تلك الصعوبات فإن قواتنا تحقق كل يوم نصرا جديدا وتقدما واضحا تعجز عنه اكثر الجيوش احترافا وقدرة وتدريبا، وأوفرها مقدرات وتسليحا، وما ذاك الا بفضل ايمانها الحقيقي بالرسالة التي تحملها وعظمة المهمة التي تضطلع بها وحراجة الموقف الوطني الذي لا خيار له الا النصر او النصر.
نعم.. ‏لا شك أن هناك وجهات نظر في قضايا تفصيلية جديرة بالاهتمام قد نختلف فيها وقد نتفق، ولكننا ملتزمون وطنيا بالاتفاق على الكليات التي من شأنها أن تحفظ وحدة العراق وسيادته وتخلصه من شرور الإرهاب وتنجز المصالحة المجتمعية وتدعم السلم الأهلي ‏وتبدأ بمرحلة الإعمار والتنمية وتحارب الفساد والمفسدين، للخلاص من الارتباك الذي بقينا في خضمه طوال السنوات المنصرمة الثلاث عشرة.
ورغم كل التخوفات التي تطلق هنا وهناك والتحليلات التي تضج بها وسائل الاعلام فإنني أرى أن فجرا جديدا سيبزغ على العراق بنصر الموصل ذلك أن الرؤية العراقية بدأت تتضح يوما بعد آخر، وتتبلور على صيغة اجماع وطني لا خلاف عليه صانعة ثقافة جديدة من الاعتزاز بالوطن والانتماء له ونبذ كل ما عدا ذلك من طروحات التقسيم والتجزئة التي يسعى لها البعض رغبة في تحقيق مصلحة ضيقة على حساب التاريخ والجغرافية، محاولين الترويج لهذا التوجه اللاوطني بأبواق صدئة ستخرسها هتافات النصر وأهازيج الرجال على السواتر وزغاريد الأمهات التي تستقبل توابيت الشهداء.
وليس ببعيد سيحتفل العراقيون في نينوى بهذا النصر – ان شاء الله – وحينذاك سيكون الوقت مناسبا لانطلاق الحوار الوطني من الموصل تأكيدا على ان الجوائز تسلم في ميدان الفوز، ويومها سيدرك الجميع اننا اقوياء بوحدتنا ضعفاء بتفرقنا.

نقلا عن “الصباح”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً