اراء و أفكـار

أولوية الحكومة اللبنانية الجديدة

بعد أن انتخب البرلمان اللبناني ميشال عون رئيساً بعد عامين ونصف العام من الفراغ الرئاسي، وبعد أن اختارت معظم الأحزاب والكتل السياسية سعد الحريري لرئاسة الحكومة يمكن القول إن لبنان دخل مرحلة جديدة لعله يتمكن من التغلب على المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها وسط عواصف الإرهاب والتكفير والحروب التي تضرب جواره.
يبدو أن اللبنانيين الذين تمكنوا من عبور بحر العواصف التي تضرب المنطقة بأقل الخسائر الممكنة
أدركوا أن الرهان على الخارج سوف يطيل أزمتهم ولن يحلها بل يمكن أن يعقدها ويطيح بالسلم الأهلي المقبول في بلدهم، وقرروا الأخذ بالمثل «لا يحك جلدك غير ظفرك».
إلا أن لبنان يحتاج لأكثر من ذلك، فهو يحتاج إلى الدخول في صلب أزمته البنيوية، والجرأة في العمل على إيجاد وسائل التعاطي معها وحلها. أزمته في الأساس هي نظامه الطائفي والمحاصصة القائمة حالياً بين مجموعاته السياسية التي تستند في وجودها على بعد طائفي ومذهبي وتستخدمه في سلوكها وممارساتها كغطاء تتعاطى من خلاله مع مجمل القضايا الوطنية، ما يفسح المجال أمام الاصطفافات الطائفية التي تؤجج الصراعات عند كل مفصل وطني أو أي أزمة ذات بعد داخلي أو إقليمي.
لا يملك الرئيس عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري عصا سحرية لحل كل أزمات لبنان التي تعود في الأصل إلى أيام استقلاله عام 1943، خصوصا أن عمر الحكومة الجديدة في حال تأليفها لن يكون طويلاً، إذ عليها أن تشرف على الانتخابات النيابية في نهاية شهر مايو/ أيار المقبل، ثم تقدم استقالتها بعد ذلك لاختيار حكومة جديدة. لكن من المفترض أن تضع قانون انتخاب جديداً بدلاً من القانون الحالي (قانون الستين) المرفوض من معظم الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني.
الخطوة الأولى التي يجب أن تقوم بها الحكومة الجديدة هي المسارعة لوضع قانون انتخاب جديد يمهد لنقلة حقيقية في الحياة السياسية، ويضع حجر الأساس للانتقال إلى النظام اللا طائفي، كما ينص على ذلك اتفاق الطائف لعام 1989. قانون يقوم على النسبية وخارج القيد الطائفي واعتبار لبنان دائرة انتخابية واحدة، بما يؤدي إلى حسن التمثيل النيابي وعدالته.
مثل هذا القانون في حال التوافق عليه وإقراره سوف ينتج عنه بعد ستة أشهر برلمان جديد لن يكون على شاكلة البرلمان الحالي أو الذي قبله، لأنه سيمثل ثغرة واسعة في جدار النظام الطائفي السميك الذي رزح اللبنانيون في ظله طويلاً، وكان سبباًً في ولادة أزمات متتالية وصراعات أهلية ومشاكل اقتصادية واجتماعية وفساد ومحسوبيات، ودويليات ومزارع طائفية.
فهل يستطيع العهد الجديد أن يقوم بهذه المهمة الإنقاذية الصعبة؟

 

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً