اراء و أفكـار

يوم الأمم المتحدة

تحتفل الأمم المتحدة اليوم بعيد تنفيذ ميثاقها في عام 1945. في تلك الفترة كان هناك عدد محدود من البلدان المستقلة. فقد خيّمت حينذاك على العالم هيمنة القوى الاستعمارية في إفريقيا وآسيا بشكل خاص. وحينما قامت الأمم المتحدة في تلك الفترة كانت تعبر عن حقيقتين. الحقيقة الأولى، أن الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، وخصوصاً الولايات المتحدة، هي من وضعت الميثاق وخريطة الطريق للأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة. ولذلك، جاءت هذه المنظمة تعبيراً عن مصالحها في صورتها العامة وفي تشكيلاتها الأساسية، وفي البرامج والخطط التي انبثقت عنها. الحقيقة الثانية، أن معظم الدول التي انضمت لاحقاً كانت مستعمرات أو تحت الانتداب، وبالتالي لم يكن لها أي صوت في طبيعة المنظمة وعملها. وحينما انضمت بعد ذلك، لم يكن لها إمكانية التعديل أو التطوير في الأسس التي قامت عليها المنظمة. ويعود ذلك، إلى أن الدول المتمتعة بحق «الفيتو» كان بيدها التغيير والتعديل.
وهذه الدول حصلت على استقلالها ليس بفضل الأمم المتحدة، وإنما بفضل نضال شعوبها بالدرجة الأولى. وكذلك، لأن الدول الاستعمارية التقليدية مثل بريطانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا وغيرها لم يكن بوسعها تحمّل كلف الاستمرار في إدارة المستعمرات، خصوصاً في ضوء سعي الولايات المتحدة لوراثة نفوذها بأسلوب جديد.
لقد نجحت الأمم المتحدة في حدود الأهداف التي نشأت من أجلها، أي خدمة مصالح الذين كتبوا ميثاقها ونظمها وقواعد عمل مؤسساتها. ومصالح هؤلاء ليست بالضرورة مصالح دول العالم الأخرى.
صحيح أن الصراع بين الدول الكبرى بقي محدوداً في الإعلام والسياسة والاقتصاد، لكنه لم يحصل في ميدان السلاح. والفضل في ذلك يعود إلى توازنات الرعب وليس إلى جهود الأمم المتحدة. بينما استمر الصراع المسلح في العالم سواء بشن الدول الكبرى الحروب المباشرة أو بالواسطة على الدول الضعيفة، أو بالحروب بين الدول الضعيفة نفسها. وكانت هذه الحروب تنتهي حينما يقرر الكبار أن تنتهي، ومن ثم يهرعون إلى الأمم المتحدة لتغطية الانتهاء بإشرافها المعنوي.
ولعل من أبرز خذلان الأمم المتحدة للشعوب الضعيفة هو دورها في القضية الفلسطينية. فبالرغم من قراراتها التي لا تحصى حولها، إلا أنها لم يكن بإمكانها أن تفعل شيئاً لتنفيذ حتى اليسير منها، لأن الدول الكبرى وبالذات الغربية لم تكن لتسمح بذلك. وهذا العجز في دعم الفلسطينيين تدهور في الفترة الأخيرة حينما أصبحت الأمم المتحدة تنحاز إلى الجاني وتبرّر جرائمه، أو تضعها على قدم المساواة مع دفاع الضحية عن نفسها.
العالم يحتاج إلى أمم متحدة تحمي مصالح العالم وليس مصالح دول محددة.

نقلا عن”الخليج”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً