التهجير و أوباما وإسرائيل!
غسان المفلح
تقدر الأمم المتحدة عدد الذين تهجروا في سورية، لاجئين ونازحين أكثر من 12 مليون نسمة. هؤلاء المهجرون بالقوة والعنف، والخيار السياسي للسلطة الاسدية وحلفائها الروس والإيرانيين خصوصاً. هؤلاء المهجرون صار منهم أكثر من ثمانية ملايين خارج سورية، في تركيا ولبنان والأردن وكردستان العراق، ودول أوروبا وغيرها. هؤلاء المهجرون تم تهجيرهم وفق اجندة سياسية واضحة ابلغها الأسد لاكثر من مسؤول أوروبي، بأنه يريد أن يجعلهم مشكلة دول الجوار أولا ودول العالم ثانيا. التهجير الاسدي «هولوكست» ممنهج وتم تحت سمع وبصر وموافقة من باراك أوباما، الذي كان يتدخل في سورية فقط من أجل إبقاء الصراع فيها من جهة والتعامل معها بوصفها ملفا امنيا ابتزازيا وربحيا من جهة أخرى. لم يكن يهتم بأعداد الضحايا من أطفال ونساء ومدنيين، لم يكن يهتم بمن يجبره الأسد على ترك مدينته ومنزله، ويهاجر لدولة أخرى كلاجئ او ينزح لمدينة أخرى داخل سورية كنازح. ثمانية ملايين سوري صاروا مشكلة عالمية تتقاذفهم، أحوال معيشية سيئة، وسياسيون سفلة في بعض الدول كلبنان. انه الاقتلاع السوري. اقتلاع السوري من ارضه، هذه ليست نتاج السلاح، بل هي نتاج قرار سلطة تمتلك السلاح والخيار العنفي. تستيقظ على خبر مفاده» يغادر حمص/الوعر صباح 19/9/2016 إلى إدلب حسب شروط الهدنة قرابة 300 مواطن مع أفراد عائلاتهم ،ووجهة معظمهم أرض الشتات في أوروبا عبر تركيا». ثم تتوقف صفقة التهجير لاسباب تقنية كما قيل. قرار الحرب قرار عقيدي لدى سلطة الأسد. قرار تتحكم وصية مكافيللية «اضرب عدوك حتى لا يقوى على النهوض». هكذا نظام الأسد منذ لحظة ولادته في العام 1968 لحظة قبض وزير الدفاع آنذاك على النظام، وتوجه بانقلابه الكامل 1970 . تدمير المدن والارياف وتهجير أهلها التي كانت حاضنة للثورة. هذا فعل لم يأت نتيجة للثورة، بل هو قرار نابع من بنية الاسدية وجوهرها في حال قيام أي ثورة. أيضا الامر لاعلاقة له بسلمية وعسكرة كما يرى بعض الناشطين، خصوصاً منهم من يتذاكى انه معارض وقدمه الأخرى عند الأسد. منذ أيام حافظ الأسد جمل يرددها الموالون فحواها: «سندمر دمشق في حال ثارت ضد الأسد». من يراجع التوضع العسكري لقوات الأسد الموثوقة من سرايا دفاع سابقا ووحدات خاصة وسرايا صراع ولاحقا حرس جمهوري وفرقة رابعة، كلها توجه أسلحتها نحو دمشق. في قاسيون وصحنايا والسومرية وحرستا تستقر فيها قوات الأسد. في تحديد واضح أن اهل سورية هم العدو، خصوصاً دمشق. قضية التدمير والتهجير مارسها الأسد الاب في حماة سابقا. في الثورة الغاية من قصف المدن والقرى هو تهجير سكانها، الذين انتفضوا ضد الأسد، إلى بلدان أخرى ومناطق أخرى داخل سورية كي ينهي أي تجمع محتمل يثور ضده من جديد، من جهة أخرى المناطق التي لاتزال تحت سيطرته، مقطعة بالحواجز ومهددة بكل عنف ممكن. في المرحلة اللاحقة من عمر الثورة، شهدنا تهجيراً بإشراف دولي عبر الأمم المتحدة، وبقيادة أوباما. إسرائيل ما يهمها بالمحصلة تدمير وتفتيت البلد كاملة سواء بقي الأسد ام ذهب. ابشع أنواع الاحتلال بالعالم لم يتعامل مع السكان الأصليين كما تعامل ويتعامل الأسد بغطاء فاشي توحشي دولي. سياسة الاقتلاع من الجذور للسكان. الحديث يصبح ضروريا عم يسمى تغييراً ديمغرافياً، يرجح بعض المهتمين ان من تقوده إيران مع الأسد. هذا ما ألمح اليه الأسد الصغير شخصيا! عندما تحدث في داريا عن التغيير الديمغرافي كحالة طبيعية في المدن. التغيير الديمغرافي المنشود اسديا باعتقادي، تحصين دمشق طائفيا وموالاتيا. بحيث تصبح كل دمشق بنية سكانية موالية لاسباب طائفية او عقيدية سلطوية او مصلحية واضحة. أنها تذكرنا بالـ «ابرتهياد» واقتلاع الهنود الحمر والفلسطينيين. لكن هذه المرة بإشراف الأمم المتحدة.
نقلا عن “السياسة الكويتية”