معاهدة التجارب النووية
عشرون عاماً مضت على مفاوضات معاهدة حظر التجارب النووية لكنها لم تعتمد بعد لأن هناك دولاً لم تصدق على هذه المعاهدة. الغريب أن دولتين من أعضاء مجلس الأمن هما الولايات المتحدة والصين لم تصدقا بعد عليها. والأغرب أنهما من الموافقين على قرار لمجلس الأمن يحث البلدان على التصديق على هذه المعاهدة.
وكان المفترض بهما قبل أن يوافقا على القرار أن يكونا قد استكملا التصديق عليها حتى يكون للقرار معنى وصدقية. معاهدة حظر التجارب النووية لن تؤدي إلى منع انتشار الأسلحة النووية فهذه غير تلك. ولكنها قد تبطئ مسار تجديد الأسلحة النووية.
السؤال الذي ينبغي أن يطرح هو: لماذا نوقش الموضوع في مجلس الأمن وليس في نطاق الوكالة الخاصة، خصوصاً أنه لا يرتب أية التزامات قانونية وإن كان يحمل تأثيراً معنوياً. هل هو لمجرد القول إن الولايات المتحدة تتبنى هذا الموضوع وهي في نفس الوقت تؤكد أن هناك قوى داخلها تعطّل التصديق على المعاهدة؟
ما يبعث على التساؤل الذي يثير الشك حول النوايا أن هناك معاهدة قائمة صادقت عليها كل الدول العظمى هي معاهدة عدم الانتشار النووي، لم يجر تنفيذها وأن التلكؤ في التنفيذ يأتي من القوى النووية الكبرى، فهذه المعاهدة فرضت مقايضة بين البلدان المالكة للقوة النووية والأخرى التي لا تملكها بأنه مقابل أن تعمل البلدان المالكة بجد من أجل التخلص من ترسانتها، تعمل البلدان الأخرى على عدم السير في طريق امتلاكها. ولكن البلدان النووية الرئيسية لم تف بالتزاماتها بموجب هذه المعاهدة ما دفع بعض البلدان إلى امتلاك هذه المقدرة، بينما تعمل بلدان أخرى بكل قوة من أجل امتلاكها بأساليب متنوعة.
الحكم على صدقية هذا القرار لا يكمن في اعتماد المعاهدة بل في تنفيذها. والتجربة مع معاهدة عدم الانتشار تشهد بأن البلدان الكبرى لا تفي بالتزاماتها، بل أكثر من ذلك أنها عملت بقوة خلاف حرفية وروحية المعاهدة نفسها. فهذه الدول التي تملك الأسلحة النووية ضاعفتها عدة مرات وهي باستمرار تطور من قدرات أسلحتها الفتاكة. وقد أصبح في مقدورها أن تدمر الكرة الأرضية مرات كثيرة. ولذلك، فلا عجب أن الدول الأخرى لا تثق بنوايا الدول الكبرى. وأن بعضها يعتبر أن هذه المعاهدة لن تكون أكثر من صفقة لمنع الآخرين من تطوير قدراتهم النووية بينما تمضي البلدان الكبرى في الاحتفاظ بقدراتها.
وبعض البلدان الكبرى وصلت من التفوق البحثي في هذا المجال بحيث لم تعد لديها حاجة للتجارب النووية.
نقلا عن “الخليج”