تفاهمات دون نهاية
حلب تذبح من الوريد إلى الوريد ومازلنا في مباحثات وتفاهمات وبيانات تراشقية بين الغرب من جهة وروسيا من جهة أخرى، حلب يتم تسويتها بالأرض بمن فيها لتكون عبرة لمن يعتبر، وقوافل الإغاثة تقصف أمام أعين المجتمع الدولي العاجز عن وقف نزيف دم مستمر منذ خمس سنوات ونيف دون أن يرف له جفن.
الآلاف محاصرون في الشهباء دون مياه ولا غذاء ولا دواء في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وفوق كل ذلك قصف مستمر دون هوادة بمختلف أنواع الأسلحة لا فرق بين محرّم وغير محرّم المهم تحقيق الهدف مهما كان الثمن، والثمن هنا الشعب السوري الذي لا يملك حولاً ولا قوة في ظل عدم وجود توازن للقوى على الأرض، فروسيا ترمي بثقلها وراء النظام ليس حباً فيه ولكن حفاظاً على مكتسباتها ومردودات تلك المكتسبات على استراتيجياتها في المنطقة، والغرب لم يحسم أمره أو حسمه بالفعل فتاه بين الحل السياسي والآخر العسكري دون أن يكون مؤثراً في مشهد الأحداث كما هو حاصل الآن في حلب وبدأ منذ أكثر من خمس سنوات في سورية.
فمنذ بداية الأزمة السورية وتشعبها وانخراط القوى الإقليمية والدولية فيها لم يكن هناك موقف واضح من الدول الغربية تحديداً ولا حتى من الأمم المتحدة الراعي الرسمي لمباحثات السلام والتي استبدلت ثلاثة مبعوثين دوليين للأزمة خلال الخمس سنوات الماضية دون جدوى.
الدول الغربية أصبحت تستجدي روسيا من أجل إيجاد حل سياسي للأزمة وما أدل على ذلك إلا البيان الذي صدر عن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية دول أوروبية عدة حليفة لواشنطن، ان الأمر بيد روسيا لإعادة إحياء الهدنة في سورية من خلال اتخاذ “خطوات استثنائية”.
وحض هؤلاء موسكو على السماح بوصول المساعدات الإنسانية من دون قيود، ووقف القصف “العشوائي” للنظام السوري على المدنيين وتهيئة الظروف اللازمة لاستئناف المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة بشأن عملية الانتقال السياسي.
وقالت المجموعة التي تضم وزراء خارجية فرنسا وإيطاليا وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إن “المسؤولية تقع على عاتق روسيا كي تثبت أنها مستعدة وقادرة على اتخاذ خطوات استثنائية لإنقاذ الجهود الدبلوماسية”.
إذاً الدول الغربية تحمل روسيا مسؤولية إنقاذ مباحثات السلام وتتنصل من مسؤوليتها هي رغم انها شريك منذ البداية في كل تفاصيل الأزمة، روسيا بدورها رفضت تلك الاتهامات ورمت الكرة في ملعب الدول الغربية.
بين جدال روسيا والدول الغربية تظل حلب الشهباء شهباء بما يلقى عليها من آلاف الأطنان من القنابل.
نقلاً عن ” الرياض “