اراء و أفكـار

الأقصى يستصرخ الضمائر

لا يكاد يمر يوم منذ أن احتلت دولة الكيان الصهيوني القدس الشرقية في عام 1967 من دون أن تقوم قواتها وقطعان مستوطنيها بانتهاك وتدنيس حرمة المسجد الأقصى الشريف، وتصاعدت الانتهاكات إلى الحد الذي بات فيه الأقصى يواجه خطر الهدم والإزالة، وسط عجز عربي وإسلامي غير مبرر، وصمت دولي يشبه التواطؤ مع المحتل.
بداية التدنيس كانت عندما أقدم المدعو «موردخاي جور» وميليشياته الإرهابية برفع العلم الصهيوني داخل باحات الأقصى، وقيامه بسرقة مفاتيحه وحرمان المصلين منه لأسبوع كامل وأداء أحد الحاخامات اليهود وأتباعه الصلاة فيه.
وبالطبع لن تكون محاولة الأحد الماضي التي قامت بها مجموعة متطرفة من قطعان المستوطنين، في ذكرى ما يسمونه خراب الهيكل المزعوم، آخر محاولات تدنيس الأقصى الشريف.
لقد كشفت تقارير نشرتها مؤخراً وسائل إعلام «إسرائيلية» عن خطط سريّة لدولة الكيان الصهيوني منذ سبعينات القرن الماضي، ترمي لتوسيع حائط البراق على حساب المربع الإسلامي بالقدس المحتلة، وكشفت القناة الثانية العبرية عن أن منظمات وجمعيات «إسرائيلية» وضعت خطة مدتها ثلاثة أعوام من أجل هدم الأقصى وبناء الهيكل المزعوم. وهذا ما عبر عنه بوقاحة، رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست «الإسرائيلي» «آفي ديختر»، حيث قال إن «إسرائيل» لن تسمح بتحويل المسجد الأقصى إلى مكة ومدينة دينية ثالثة مفتوحة للمسلمين فقط.
كل هذا دليل على أن دولة الكيان العنصري ماضية في تنفيذ مخططاتها الإجرامية لتهويد القدس، وتغيير معالمها وتركيبتها الديموغرافية، وإفراغها من أهلها، واقتطاع أراضي الفلسطينيين ومصادرتها، وهدم المنازل وبناء المستعمرات الجديدة مكانها.
ولعل حالة الضعف التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية هذه الأيام، وردّة فعلها تجاه هذه المخططات الصهيونية التي لم تتجاوز في أحسن حالاتها عبارات الشجب والإدانة، شجعت الكيان العنصري على تسريع مشروعه، والسير في تنفيذه تحت بصر وسمع المجتمع الدولي.
لقد ظل المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية وخطيب الأقصى الشيخ محمد حسين، يحذر من خطورة العواقب التي ستجرّ إليها المنطقة برمّتها جراء تصاعد وتيرة الاعتداء على الأقصى، ومحاولة تقسيمه زمانياً ومكانياً، والتي تهدف أول ما تهدف إلى كسر شوكة المقدسيين – الذين ظلوا يدافعون عن حرمة الأقصى، ويتصدون بجسارة لجيش الاحتلال وقطعان المستوطنين – لإحباطهم وإشعارهم بأنهم لا يملكون شيئاً في المدينة المقدسة، ولكن يبدو أن تحذيراته لم تلق أذناً صاغية.
إن دولة الكيان العنصري تسعى لإشعال حرب دينية شاملة في المنطقة لا تبقي ولا تذر، وقد آن الأوان للتعامل مع مخططاتها الرامية لتهويد القدس وهدم المسجد الأقصى، بالجدية المطلوبة.
إن الواجب يحتم على الدول العربية والإسلامية ومنظمة التعاون الإسلامي واليونيسكو، أن تضطلع بمسؤولياتها كاملة إزاء الصلف الصهيوني والمحاولات الدائمة والمستمرة لاستفزاز مشاعر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، واتخاذ موقف صارم يردع الكيان ويوقفه عند حده، ويحفظ للأقصى قدسيته وحرمته، فهل هذا مستحيل؟

نقلاً عن “الخليج”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً