اراء و أفكـار

قمة عادية

لم تخرج قمة نواكشوط بالحد الأدنى المتوقع منها، على الأقل ما يترجم الاسم الذي حملته وهو «قمة الأمل».. كانت في المضمون والنتائج متواضعة، وتعكس مستوى التمثيل والطموح.
نقول ذلك ، لأن حجم التحديات والمخاطر الذي يواجه العرب هائل بكل المقاييس. بدءاً من الإرهاب الذي يهدد الجميع ويطرق كل الأبواب من دون استثناء، ويستهتر بكل القيم الدينية والإنسانية من قتل وذبح وتدمير للإنسان وحضارته ، وسبي وتشويه للدين الإسلامي بعدما تم اختطافه وتحويله إلى مطيّة للاستراتيجيات الكبرى التي تستهدف المنطقة وأهلها، إضافة إلى إعصار الطائفية والمذهبية الذي يستعر أواره ويهدد بتفتيت دول ومجتمعات ، وما يرافقه من موجات تكفير تثير الصراعات وتسترجع أسوأ ما في التاريخ الإسلامي من فتن وحقد ودماء.
وهناك العدو الصهيوني الذي يتحدّى العرب والمسلمين والعالم بإصراره على رفض قرارات الشرعية الدولية وإغلاق كل أبواب التسويات والحلول، ويمضي في زرع المستوطنات والتهويد بدءاً من القدس إلى كل أرض فلسطين، ويمارس شراسته وحقده وعنصريته على الشعب الفلسطيني، قتلاً واعتقالاً وتدميراً وحصاراً ومصادرة للأرض وانتهاكاً للمقدسات.
وهناك حال الأمة وما تتعرض له من هوان ومهانة وضعف وشرذمة وانقسام وصراعات وحروب بين دولها، ما أدى إلى انهيار مناعتها القومية وسلب إرادتها وتركها نهباً لمطامع الآخرين.وقد انعكس ذلك على المؤسسة الأم، خيمة العرب وجامعتهم التي أصيبت بالعجز والترهل وفقدان الحيلة، ولم تعد قادرة حتى على حمل اسمها لأنه بات ثقيلاً وممزقاً يعلوه ألف ثقب وثقب، وتحوّلت إلى شاهد مغلول اليدين ومكمم الفم، يلوذ بالصمت والخيبة.
وهناك الفقر المدقع والأميّة والجهل والتخلف الذي يضرب أطنابه في طول الأرض العربية وعرضها، وبمستويات لا تليق بالعرب الذين يمتلكون من الثروات ما يمكنهم من تجاوز كل العثرات والعقبات، وهناك التنمية المعدومة التي من دونها لا حاضر ولا مستقبل للعرب.. وهناك ألف علّة وعلّة.
نطالع مقررات القمة، فلا نجد فيها الروح والأمل. مجرد مواقف مكرورة لمقررات سابقة معدومة العافية والقوة، تجتر لغة سابقة لم تعد تروي عطش المواطن العربي إلى الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية واسترداد الحقوق المسلوبة والانعتاق من قيود الماضي، والبحث عن المستقبل والوقوف مع الأمم الأخرى في معارج التقدم، وفي امتلاك كل وسائل القوة للدفاع عن حياض الأمة وعدم تركها لقمة سائغة في أفواه الآخرين.
كان المأمول أن يكون ما يجري لأكثر من خمس سنوات على الأرض العربية درساً كافياً للجميع أن يعقلوا ويتدبروا أمرهم ويخرجوا من حال الاستنقاع والتواكل ويكتبوا سطراً جديداً في كتاب الأمة.

نقلا عن الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً