اراء و أفكـار

الأرض المستباحة

يبدو أن الأرض العربية صارت بلا سقف أو جدران، وفقدت ما يسمى سيادة واستقلالاً ووحدة أراضٍ، ويمكن لمن يشاء أن يستبيحها وينتهك سيادتها ويعتدي عليها ويخترق حدودها ويرسل جنوده ومخابراته وعصاباته ومرتزقته؛ كي يعيثوا تخريباً وتدميراً وإرهاباً، من دون أي رد فعل عربي جماعي أو فردي، أو حتى من خلال المؤسسة العربية الأم الجامعة العربية التي تسمى «بيت العرب» والمنوط بها مهمة رعاية النظام العربي والأمن القومي.
نماذج فاقعة ومخجلة عن هذه الاستباحة للأرض العربية التي بدت أرضاً مشاعاً لكل من هب ودب من الطامعين والطامحين.. يدخل ويخرج على هواه ويقيم قواعد ويستحضر أسلحة وجنوداً ويرعى مقاتلين وربما إرهابيين، من دون أن يدري أحد أو يعرف ماذا يجري!
بالصدفة تبين أن هناك قوات فرنسية وبريطانية وأمريكية تعمل على الأرض الليبية، وذلك بعد إسقاط مروحية فرنسية وعلى متنها ثلاثة جنود قرب بنغازي قبل أيام، رغم أن معلومات كانت تحدثت قبل أشهر عن وجود قوات غربية هناك، ومن بينها ما ذكرته صحيفة «لوموند» الفرنسية التي نشرت تقريراً في شهر فبراير/ شباط الماضي أكدت فيه وجود قوات فرنسية في ليبيا، كما نشر موقع «ميدل إيست آي» تقريراً تحدث فيه عن وجود قوات بريطانية وفرنسية وأمريكية وإيطالية في «قاعدة بنينا» الجوية قرب بنغازي تقوم بمهمة المراقبة والاستطلاع وتنسيق وتنفيذ الضربات الجوية.
كانت هذه الدول تنفي وجود قوات لها في ليبيا أو تتقصد التمويه على هذا الوجود، إلى أن جاء حادث إسقاط المروحية الفرنسية لينكشف بعض المستور عن هذا الوجود، وهي الدول ذاتها التي شاركت في تدمير ليبيا وإسقاط القذافي لإقامة نظام ديمقراطي بديل ينعم الشعب الليبي في ظله بالحرية والديمقراطية، فإذا به ينعم بالفوضى والإرهاب وسقوط الدولة والمؤسسات!.
ماذا عن القوات الروسية في سوريا جوا وبرا وبحراالتي تستبيح كل شيء ؟ ايضا لولا الغارة التي قامت بها القاذفات الروسية على مطار التنف العسكري في جنوب سوريا قبل أيام والضجة التي استتبعتها، لما عرفنا بوجود قوات أمريكية وبريطانية هناك تتولى رعاية وحماية وتدريب ما يسمى «القوات المعتدلة»..
هذا الوجود العسكري الغربي في جنوب سوريا يرافقه وجود عسكري مماثل في شمال سوريا مع «قوات سوريا الديمقراطية»، ووجود تركي في منطقة بعشيقة في شمال الموصل بالعراق.. وقوات روسية ومرتزقة من مختلف الأشكال والألوان على امتداد الأرض العربية يدل على أمر واحد، وهو أن الأرض العربية تحولت إلى حقول للرماية تجرب فيها مختلف الدول أسلحتها، وإلى حقول للموت يتبارى فيها الجميع على القتل والتدمير، وإلى مقصد لكل إرهابي ومصاص دماء يجرب فيها أسنانه ويفرغ فيها حقده ونرجسيته، وإلى مطمح للدول؛ بحثاً عن نفط وثروات ومواقع ومصالح.
وسط هذه الفاجعة الكارثة تعقد القمة العربية في نواكشوط.. فماذا هي فاعلة؟

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً