اراء و أفكـار

الحرب العالمية ضد الإرهاب

رندة تقي الدين

هل أصبحنا في حرب عالمية مع الإرهاب المجنون والوحشي؟ لم يعد أي مكان في العالم آمناً من مجرمين مجانين يقتلون الأبرياء أينما كان. من سورية إلى العراق وتركيا ولبنان والسعودية والعالم الغربي بأسره وفرنسا وكارثة نيس حيث قتل مئة شخص بينهم أولاد وألمانيا والولايات المتحدة. كيف التعامل مع هذا الاجتياح الإرهابي المخيف الذي يضرب أينما كان ويتحجج بجهاد إسلامي؟ أي إرهاب هذا الذي يضرب أولاداً في نزهة على شاطئ البحر لمشاهدة ألعاب نارية؟ وما هي هذه «الدولة» التي تدعي أنها «إسلامية» وتجند مجرمين ومجانين حول العالم؟ هل تتحمل الشبكات الاجتماعية مسؤولية تجنيد المجرمين؟
إن الحرب ضد الإرهاب والائتلاف العالمي ضد «داعش» عاجز لسوء الحظ عن مكافحة هذه الظاهرة التي تضرب العالم وتُحدث مآسي مفجعة. فالقتال ضد «داعش» على الأرض في العراق وسورية غير كاف. هناك أيضاً على الحدود اللبنانية «داعش» ويبدو أن الائتلاف الدولي يغض النظر عن هذه المنطقة حيث يحتجز «داعش» جنوداً لبنانيين يقال إنهم أصبحوا في الرقة.
إن حرب الائتلاف الدولي ضد «داعش» في سورية والعراق تبدو غير كافية، لأن تجنيد الشبكة المجرمة مستمر أينما كان. ومجرم نيس قائد الشاحنة كان معروفاً بأنه شخص مؤذ عنيف لا علاقة له بالتدين. ولكن العثور على جهاز الكمبيوتر في منزله أظهر أنه كان يتابع ما يرتكبه «داعش» من جرائم وكان يضع صور الجثث على كمبيوتره، وفق مدعي الجمهورية الفرنسية الذي تولى التحقيق. إن هذا المجرم كان ملاحقاً بجرائم سرقة وعنف وغيرها لم تكن مصنفة إرهابية. لكن هل يجوز لمجرم مقيم في فرنسا لديه ملف قضائي سيئ أن يستأجر شاحنة؟ إذا أراد شخص أن يفتح حساباً مصرفياً في فرنسا أو يحول أموالاً فإنه يخضع اليوم لمئات الأسئلة الشخصية. فكيف يستأجر شخص ملاحق من قبل القضاء شاحنة من دون أي مشكلة؟ ثم إن حالة الطوارئ سارية منذ الهجوم الإرهابي في باريس في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) والتجمعات ممنوعة خلال حالة الطوارئ، فكيف سمح لمدينة نيس بتنظيم ألعاب نارية في مثل هذه الظروف؟ وهل كانت هناك حواجز شرطة كافية في نيس لمنع الشاحنة المجنونة من السير نحو المشاة؟
لا شك في أنه كان هناك بعض الإخفاق في الاستخبارات والأمن. ولكن ينبغي الاعتراف انه لا يوجد هناك أمن مضمون مئة في المئة مع وجود مجرمين مستعدين للانتحار ولقتل مئات الأبرياء معهم. فكيف ننسى قائد الطائرة الألمانية الذي انتحر ومعه ركاب الطائرة الأبرياء في جبال الألب الفرنسية السنة الماضية؟ وكان هذا القائد يعاني من مرض نفسي وتبين أن الشركة الألمانية كانت تدرك ذلك. فهذا أيضاً من ضمن الإرهاب النفسي القاتل الذي يشبه الخلل في شخصية التونسي قائد شاحنة نيس القاتل، ولكن الفرق أن مجرم نيس كان يطمح إلى أن يكون بمثابة مجرمي «داعش»، فما العمل اليوم للتصدي لهذا الخطر الذي يهدد الجميع؟
أولاً على الدول ألا تستسلم وتستمر في معاقبة الإجرام، أي إجرام، سواء كان صغيراً أو كبيراً وتحسين قدرة الاستخبارات الداخلية على ملاحقة المجرمين والعمل على مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي التي تنشر الجريمة والإرهاب، كما ينبغي البقاء على يقظة وعدم تراجع جهود ضمان الأمن قدر المستطاع في الأماكن العامة ووسائل النقل والتجمعات، فبالتأكيد نحن أمام حرب عالمية من نوع جديد ينبغي درس معالمها المختلفة لبذل الجهود لمحاولة مقاومتها.

نقلا عن الحياة اللندنية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً