اراء و أفكـار

محادثات غير عادية!

تبدو زيارة وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري إلى موسكو غير عادية في أهدافها وتداعياتها الإقليمية والدولية. ومن الواضح من خلال طول وقت المحادثات مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرجي لافروف، أن الوزير الأمريكي حمل معه مروحة واسعة من القضايا التي تشكل هماً مشتركاً لموسكو وواشنطن وباتت تهدد الأمن والسلم الدوليين، مثل الأزمتين السورية والأوكرانية، إضافة إلى الإرهاب الذي يتسع مداه وبدأ يهدد دول العالم، والتحدي القائم بين الدولتين في شرق القارة الأوروبية، والتصعيد القائم بينهما على ضوء القرارات الأخيرة لحلف شمال الأطلسي بتوسيع الوجود العسكري في دول بحر البلطيق والمناورات العسكرية المتبادلة.
كان اللافت في هذه المحادثات الموسعة ما قاله بوتين الذي أشاد فيه بالرئيس الأمريكي وإمكانية العمل معاً في محاربة الإرهاب، وكذلك حديث كيري عن ضرورة التعاون بين الجانبين لحل الصراع في سوريا. ومن الواضح من مجرى المحادثات أنها تناولت القضايا المشتركة في العمق والتفصيل. فمحادثات كيري مع بوتين استغرقت ثلاث ساعات، ومحادثات كيري ولافروف استغرقت خمس ساعات بدلاً من ساعة واحدة كما كان مقرراً لها من قبل، ما يعني أن هناك ملفات عاجلة ومهمة نوقشت بغية التوصل إلى رؤية مشتركة بشأنها.
وإذا كان صحيحاً ما أوردته بعض التقارير عن عرض كيري لمقترح تعاون الجانبين لمقاتلة الإرهابيين، والعمل على إحياء مفاوضات جنيف بأسرع وقت ممكن للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، ففي حال نجاح محادثات موسكو فالأمر لا شك يشكل نقلة نوعية، إذا ما تم التغلب على العقبات التي كانت تحول دون التوصل إلى اتفاق في السابق، وخصوصاً تجاه التباين إزاء تصنيف المجموعات المسلحة، وموقعها من الإرهاب، إضافة إلى الفترة الانتقالية ودور الرئيس السوري مستقبلاً.

ولم يكن هجوم نيس الإرهابي بعيداً عن محادثات موسكو، بل على العكس فقد شكل مادة أساسية بين الجانبين ودافعاً إضافياً في ضرورة المواجهة المشتركة، وهو ما أشار إليه لافروف من أن «الحوار الأمريكي الروسي يزداد أهمية وإلحاحاً بعد الهجوم الإرهابي الأخير في نيس».

من السابق لأوانه حتى الآن الحديث عن نتائج حاسمة لمحادثات موسكو، إلا أن الطابع الجدي للزيارة والموضوعات التي تمت مناقشتها تشير إلى أن الجانبين يستشعران الخطر وضرورة مواجهته بشكل مشترك، ما يقتضي التوصل إلى تفاهمات وصفقات قد تكون على حساب القوى السورية المحلية والقوى الإقليمية الفاعلة في الأزمة السورية، وبما يحقق مصالح الدولتين الكبريين بالدرجة الأولى.

نقلا عن الخلبج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً