اراء و أفكـار

تجفيف المنابع الأيديولوجية للإرهاب

د. خالد عايد الجنفاوي

أعتقد أنّ المكافحة الفعالة للإرهاب تبدأ بملاحقة منظريه ووسطائه ومتعهديه الفكريين، وبخاصة أولئك الذين يتحملون، بشكل مباشر أو غير مباشر، مسؤولية تجنيد الارهابيين. يوجد حالياً صناعة للإرهاب منظروها ووسطاؤها هم من لا يتوقفون عن التبرير بشكل مباشر أو غير مباشر لجرائم الإرهاب وليس بالضرورة أن ينخرط منظرو الارهاب بالأعمال الإرهابية بشكل مباشر، لكن ستجدهم يوفرون التبريرات الأيدلوجية الشريرة للإرهاب. يتصف منظرو الإرهاب بالدهاء والخبث وربما يحب كثير منهم البذخ ورفاهية الدنيا فيحذر بعضهم ربط أنفسهم بما ستؤدي إليه خطاباتهم المتطرفة والتكفيرية من قتل وتدمير وإزهاق لأرواح الأبرياء. منظرو الإرهاب ومتعهدوه فكريا هم ثالثة الأثافي، وموقد جرائم الإرهاب، فهذا النفر هم من يغسلون عقول مجندي المعتوهين فيزرعون الكراهية ويبثون سمومها، وهم من ستؤدي خطاباتهم التكفيرية إلى قيام مجرم أفّاق بقتل الأبرياء الآمنين، كما حدث اخيرا في فرنسا ضد أناس أبرياء. من أجل أن تتحقق مكافحة فعالة للإرهاب من المفترض أن تركز الحكومات والمؤسسات الامنية والتعليمية على مكافحة آفة تنظير الارهاب وتحديد مصادره الفكرية وملاحقة مروجيه واتخاذ إجراءات أمنية حازمة ضد سدنة الارهاب: جبهة مكافحة الارهاب يجب أن تستمر أيضاً في مواجهة فكرية على الأرض، فلا ينفع مع هذا النوع من السرطان المعاصر سوى القضاء على أسبابه الرئيسية: الخطابات المتطرفة والتبرير المقيت الخفي والمعلن لقتل الأبرياء وتدمير المجتمعات الانسانية بزعم الجهاد. تجفيف المنابع الأيديولوجية للإرهاب يبدأ بملاحقة مروجيه والعاملين على بث شروره في المجتمع ومنعهم من الظهور الإعلامي وعدم منحهم فرصاً للتنفيس عن كراهيتهم البغيضة لمن هو مختلف عنهم، وسيؤدي ذلك إلى إضعاف ميكانيكية الإرهاب، فمنظرو الإرهاب يطلقون الخطابات النارية بزعم حماية الدين والجماعة المذهبية، لكنهم يحضون على الطائفية العمياء وهم من يرسخون في قلوب أتباعهم الكراهية الجنونية ضد من هو مختلف عنهم أسوأ من يستغل الدين هذه الايام هو من يُقدم نفسه كوصي أخلاقي على الآخرين ومن يُنَظِّر ويؤيد بشكل مباشر أو غير مباشر العمليات الإرهابية الإجرامية، فهذا النفر من المستغلين للدين وسماحته هم السرطان الذي يجب استئصاله بكل الاشكال والطرق والوسائل القانونية والفكرية والإجراءات الامنية الحاسمة. نواجه نحن المسلمين معركة مصيرية ضد الارهابيين القتلة، فسيستمر منظرو الإرهاب ببث سمومهم ما لم يتم إخراسهم بشكل نهائي لأنهم رؤوس أفاعي الفكر الإرهابي التي يجب قطعها قبل أن يستفحل أمرها.

نقلا عن “السياسة الكويتية”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً