المساواة بين الضحية والجلاد
كشفت مناقشات مجلس الأمن الدولي يوم أمس الأول لتقرير اللجنة الرباعية الخاصة بالقضية الفلسطينية التي كان يترأسها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، عن وجه كالح للعديد ممن ادلوا بدلوهم خلال المناقشات، وأظهروا من المواقف ما يجعل من الأمم المتحدة وقراراتها ذات الصلة بالقضية أضحوكة تدعو للخجل، ومنظمة لا تليق بميثاقها، ولا تستحق أن تكون مؤتمنة على الأمن والسلم الدوليين، ولا على قراراتها التي تتعلق بالصراع العربي -«الإسرائيلي» التي صدرت منذ بداية هذا الصراع حتى الآن.
الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مثلاً، وفي معرض حديثه عن العقبات التي تعيق التوصل إلى تسوية، تحدث عن الاستيطان الصهيوني الذي يتسع مداه يوماً بعد يوم وكأنه حالة طارئة وليس جزءاً من استراتيجية صهيونية لتهويد كل الأراضي الفلسطينية.. ولم يتجرأ على القول بأن الاحتلال هو أساس البلاء، وهو الذي يدفع الشعب الفلسطيني إلى مقاومته، وهو حق تكفله كل الشرائع الدولية، وهو ليس عنفاً كما يدعي، بل هو دفاع عن النفس في مواجهة العنصرية الصهيونية وآلة الحرب التي تحتل وتدمر وتحاصر وتقتل وترتكب الجرائم بحق الأطفال والرجال والنساء، وهو دفاع بوسائل بدائية لا تقاس بما يملكه الاحتلال من قوة باطشة. إضافة إلى تعمد الأمين العام المساواة بين الضحية والجلاد في سابقة مخجلة، ذلك أن مطالبته بضرورة مساءلة من أسماهم «مرتكبي الهجمات الإرهابية الأخيرة ضد «إسرائيل»»، تسجل كنقطة سوداء في تاريخ الأمانة العامة للأمم المتحدة، فيما تعمد تجاهل الارتكابات الفظيعة ضد الفلسطينيين التي يقوم بها جيش الاحنلال ورعاع المستوطنين، إضافة إلى الانتهاكات اليومية التي تتعرض لها المقدسات الإسلامية والمسيحية، ولم يطالب بإحالة كل مرتكبي الجرائم والمجازر من مستوطنين وجنود ومسؤولين إلى المحاكمة.
ولم تكن مندوبة الولايات المتحدة سامنتا باور أقل سوءاً، إذ كررت الأسطوانة المشروخة حول ضرورة ضبط النفس، وقيام دولة فلسطينية،
وإدانة «الهجمات» الفلسطينية، ولم تأت على ذكر ما تمارسه «إسرائيل» ضد الشعب الفلسطيني.
وإذا كان كلام مندوبة الولايات المتحدة مفهوماً باعتبارها تردد صدى السياسة الأمريكية التي هي الوجه الآخر لسياسة «إسرائيل»، فإن كلام بان كي مون الذي يودع منصبه قريباً سوف يكون إرثاً ثقيلاً ومعيباً على تاريخه السياسي وعلى المنظمة الدولية.
نقلاً عن “الخليج”