اراء و أفكـار

الأمم المتحدة وأطفال اليمن

إبراهيم المطرودي

يعيش اليمن منذ سنة وثلاثة أشهر حرباً على الانقلابيين، ويدفع أطفاله ونساؤه وشيوخه ثمن هذه الحرب التي ما كان لها أن تنشب بين الحكومة الشرعية، المدعومة من قبل التحالف العربي بموافقة الأمم المتحدة، وصالح والحوثيين لولا تعنّت هذا الفريق، وإصراره بأن ينال ما ليس له، ويحظى بما لا سبيل إليه، وهذه مسألة وافقت عليها الأمم المتحدة حين أصدر مجلس الأمن فيها قراره 2216 القاضي بإجبار الانقلابيين على التراجع، وتسليم أسلحتهم، وانسحابهم من المدن التي احتلوها.

ما زالت الحكومة الشرعية قوية بمن يُناصرها من دول التحالف العربي، ويقف مع تنفيذ ذلكم القرار، ويضغط على الانقلابيين للامتثال له، والرجوع إليه،
هذا القرار الصادر من مجلس الأمن في الرابع عشر من إبريل عام خمسة عشر بعد الألفين طالب الحوثيين بتطبيق ما فيه فورا، وكان مما جاء فيه: الكف عن استعمال العنف، وسحب قواتهم من المناطق التي استولوا عليها، والتوقف عن القيام بأعمال الحكومة الشرعية، والالتزام بمبادرة مجلس التعاون الخليجي ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل.

هذا جزء من تأريخ الأمم المتحدة، وأمينها بان كي مون، مع قضية اليمن، وهو جزء يدعم موقف الحكومة الشرعية، ويؤيّده، ويُعينه على الانقلابيين؛ لكن الزمن كشف عن أن ذلكم القرار، وما اشتمل عليه من مطالبات للانقلابيين، لم يكن سوى حبر على ورق؛ فالانقلابيون لم يعبأوا به، ولم يستمعوا إليه، وبهذا دفعوا الحكومة الشرعية، المدعومة من التحالف، إلى الحرب التي مضى عليه سنة وثلاثة أشهر، وربما استمرّت إلى أجل غير معروف، وسقطت فيها الضحايا، وهلك فيها الحرث والنسل.

بعد عام وثلاثة أشهر تقريبا من دعم الأمم المتحدة للحكومة الشرعية في اليمن؛ يأتي قرارها الأخير القاضي بتصنيف التحالف العربي، الداعم لهذه الحكومة والواقف معها في وجه الانقلابيين الذين صدر القرار السابق في حقهم، ضمن القائمة السوداء لانتهاك حقوق الأطفال في النزاعات والحروب، وهو قرار يأتي في أجواء حوار الكويت الذي طال واستمرّ، وهدفه الأساس البحث في السبل السلمية التي تكفل تنفيذ قرار مجلس الأمن، وإنهاء الانقلاب، وحسم ما جرّه على اليمن وأهله من آثار.

إذن ما زال قرار مجلس الأمن حاضرا في الحوار الجاري في الكويت، وهذه هي المرجعية الشرعية الأممية للحكومة، وما زالت الحكومة الشرعية قوية بمن يُناصرها من دول التحالف العربي، ويقف مع تنفيذ ذلكم القرار، ويضغط على الانقلابيين للامتثال له، والرجوع إليه، وفي هذه الأجواء يصدر هذا القرار القاضي بتصنيف التحالف العربي ودوله، وكأنّ الأمم المتحدة تُريد أن تكسر جناح الحكومة الشرعية، وتُضعف موقفها، وهي التي تسعى جهدها لتطبيق قرار صدر من قِبل الأمم المتحدة نفسها قبل سنة وشهرين تقريبا.

هذا التوقيت للقرار الجديد الذي تراجع عنه الأمين، وعاد مرة أخرى إليه مُتهماً دول التحالف بممارسة ضغط عليه؛ يصبّ في خدمة الانقلابيين، ويُقوّي جانبهم في مباحثات الكويت، ويُطيل أمد هذه المباحثات، ويُطمعهم في مكاسب أخرى، ويمدّ زمن الحرب، فهل كانت الأمم المتحدة التي أصدرت قرارها السابق بإلزام الانقلابيين بما تقدّم ذكره؛ تسعى إلى هذا، وتُريده لليمن وأهله؟

لم تقف الأمم المتحدة مع الانقلابيين في هذا القرار فقط؛ فلها موقف آخر قديم، يرجع تقريبا إلى خمسة أشهر مضت، وذلك حين طالبت الحكومة الشرعية أكثر من شهر بتغيير ممثل الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في اليمن، وهو جورج أبو الزلف، بناء على معلومات متواترة تؤكد تورطه في تجاهل الانتهاكات والجرائم المستمرة التي يقوم بها الطرف الانقلابي المتمثل بمليشيا الحوثيين وصالح؛ لكن بان كي مون رفض تلك المطالبة، وأرغم الحكومة على القبول به؛ فكانت النتيجة أن حدث ما خافت الحكومة الشرعية منه؛ إذ لم يمض وقت طويل على جورج أبي الزلف حتى صاغ تقريره متكئا فيه على أحد أعضاء جماعة الحوثي، وهو محمد حجر، وبنتْ عليه الأمم المتحدة قرارها القاضي بتصنيف دول التحالف العربي، فهل تقبل الأمم المتحدة أن يُشارك في تقاريرها عن حقوق الإنسان المتخاصمون؟ بل هل تقبل أن يكتب لها عن حقوق الإنسان مَنْ أصدر قرارا ضده، يقضي بمثل ما قضى به قرارها 2216 على الحوثيين؟

نقلا عن “الرياض”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً