اراء و أفكـار

الإرهاب في خدمة ترامب

سوف تشكل مذبحة أورلاندو الإرهابية التي قتل فيها 50 أمريكياً وأصيب أكثر من 50 آخرين بجروح والتي ارتكبها شاب أمريكي من أصل أفغاني، علامة فارقة في التاريخ الأمريكي، تماماً كما كان حال العملية الإرهابية التي استهدفت برجي التجارة العالميين في نيويورك في11 سبتمبر 2001.. خصوصاً أن المتهمين في الحادثين من المسلمين، وأن الجهتين اللتين قامتا بالجريمتين مرتبطتان بمنبع واحد وفكر تكفيري، إرهابي واحد، وكما شكلت الجريمة الأولى منعطفاً في مسار السياسة الأمريكية تجاه الدول العربية والإسلامية، حيث أعلن الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش الحرب على الدول الإسلامية تحت شعار الحرب على الإرهاب، وأطلق يومها مصطلح «الحرب الصليبية» و«من ليس معنا فهو ضدنا»، وأدى احتلاله للعراق وأفغانستان إلى ما أدى إليه من دمار وهلاك لملايين البشر.. فإن مذبحة أورلاندو لا بد أن تترك تداعياتها السياسية والأمنية على الداخل الأمريكي والعالمين العربي والإسلامي الذي يعيش حرباً ضارية ضد التنظيمات الإرهابية التي باتت تهدد وجود العديد من الدول العربية.
لقد أدت أحداث 11 سبتمبر إلى ارتفاع منسوب «الإسلاموفوبيا» في الولايات المتحدة والدول الغربية، والى تزايد التطرف والكراهية ضد المسلمين، وتحت مظلة مقاومة الإرهاب شنت غزوات وحروب، وتم تلفيق ذرائع وأباطيل لتبرير احتلال دول وفرض عقوبات على دول، ومحاولات تدخل مباشر في الشؤون الداخلية للدول بزعم نشر الديمقراطية، ووفرت أحداث نيويورك فرصة مثالية للرئيس السابق بوش كي يمتطي حصان التطرف والخوف بين الأمريكيين ليعاد انتخابه مرة ثانية في العام 2004 في ظل غبار«الحرب على الإرهاب» في أفغانستان والعراق.
وكما يقول المثل «رب ضارة نافعة» فإن عملية أورلاندو قد تشكل رافعة للمرشح الجمهوري دولاند ترامب، وتوفر له المادة السياسية لحملة العنصرية والكراهية التي يشنّها ضد المسلمين واللاجئين الأمريكيين اللاتينيين، وتعطي لشعاراته صدى بين أنصاره ومؤيديه، وكأنه يقول لهم «هل رأيتم بأعينكم الخطر الإسلامي الذي حذرتكم منه. ها هو يطرق أبوابكم!».
إن الإرهاب والتطرف إن كان فكراً أو عملاً هو مثل الأواني المستطرقة يخدم بعضه بعضاً، ويوفر المناخات المناسبة للانتشار والتمدد العابر للحدود ، حتى وإن كان متعارضاً في الأفكار والوسائل، لأن كل تطرف يستند إلى تطرف آخر باعتبارهما يغرفان من مصادر ومرجعيات أيديولوجية متطرفة دينية أو سياسية، قد تؤدي في نهاية الأمر إلى الصدام الديني والحضاري.
سوف يلجأ ترامب حتماً إلى استثمار حادث أورلاندو لتعزيز موقعه السياسي وحظوظه الانتخابية إلى الحد الأقصى، وسيعتبره هدية من السماء جاءته على حين غرة في تكرار لما فعله بوش العام 2004 عندما استثمر الإرهاب في معركة تجديد رئاسته، رغم أن استطلاعات الرأي كانت تؤشر إلى أدنى مستوى تأييد بلغه رئيس أمريكي قبل أحداث نيويورك.

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً