اراء و أفكـار

إصلاح الأوضاع السياسية في اليمن الخطوة الأولى لانطلاق عجلة الإعمار والتنمية

علي حسن الشاطر

أضحى من الضروري بالنسبة للبلدان الفقيرة والمتخلفة أن تضع ضوابط صارمة تمنع تسرب الخبرات والكفاءات الوطنية إلى خارج أوطانها، باعتبارها في أمس الحاجة إليها للدفع بعجلة التنمية والتطور المنشود، ولكي يتسنى لها تحقيق أقصى ما يمكن تحقيقه من استفادة من وراء الاستثمارات الهائلة التي تتحملها الدولة بصفة مستمرة ومتزايدة في مجالات بناء وإعداد العنصر البشري، وحتى لا تتعرض حركة التنمية الشاملة مستقبلاً للمزيد من الإخفاقات الحادة الناجمة عن الافتقار إلى الحد الأدنى والضروري من الكوادر العلمية والفنية المؤهلة والمدربة القادرة على الاضطلاع بأعباء العمل التنموي.. لذلك كله يصبح من الضروري إلى أقصى حدود الضرورة أن تراعي السلطات المعنية بالتنمية مجموعة من الاعتبارات الهامة بخصوص بناء العنصر البشري وإعداده، وفي مقدمتها أن تكون تنمية القطاعات المرتبطة بهذا الجانب وفق سياسة عامة مدروسة ومخططة بأعلى قدر ممكن من الدقة العلمية تأخذ في الاعتبار الاحتياجات الأساسية للتنمية الشاملة، وتركيز الاهتمام على تحسين وتطوير مناهج التعليم العام والتعليم الفني والمهني.. بكافة أنواعه وعلى اختلاف وتعدد مجالاته، وإيجاد الضمانات الكافية للتحفيز والتشجيع على الإقبال على هذه التخصصات العلمية والفنية بعيداً عن الجوانب النظرية، ليس فقط أثناء فترة التعليم بكل مراحله، بل – وهذا هو الأهم – بعد التخرج، وذلك بتوفير فرص العمل للخريجين وفقاً لطبيعة تخصصاتهم، وبالتالي تعزيز تلك التخصصات بتنظيم وعقد دورات تأهيلية عالية، وحلقات نقاش من شأنها إضافة مهارات وتجارب عملية تضاف إلى دراستهم النظرية، ثم لابد من أن يراعي تأمين الاستقرار النفسي والمعيشي للخريجين، والأمر لا يختلف كثيراً فيما يتعلق بالقيادات العلمية والفنية المؤهلة تأهيلاً علمياً عالياً، إذ لابد من أن يتم بناء الكوادر وإعدادها وفقاً لتخطيط علمي دقيق يأخذ في الاعتبار الأول المتطلبات التنموية المستقبلية الأكثر ضرورة وإلحاحاً، ومن ثم توفير الحوافز الكافية لتشجيع الاتجاه إلى التخصصات الأكثر أهمية للتنمية، وتكفي الإشارة هنا إلى مثال واحد من الواقع القائم في اليمن، لما لهذا الجانب من ضرورة حيوية ملحة في هذا البلد، ففي الوقت الذي يجب أن يتم الانطلاق نحو استئناف عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة وإعادة بناء ما دمرته الحرب والصراعات البينية التي تخوضها القوى والأطراف السياسية المتصارعة من أجل السلطة والثروة، وبثمن باهض يدفعه الشعب اليمني عناءً وتخلفاً وخوفاً ورعباً من المستقبل المجهول، فلابد من أن تؤخذ في الاعتبار أن يكون هناك إصرار وتوجه حازم لإزاحة كل الصعوبات والعوائق التي تحول دون توظيف الخبرات والكفاءات الوطنية بشكل جيد، وإفساح المجال أمامها لإثبات كفاءتها وجدارتها في تحمل أعباء المسؤولية لانتشال البلاد من المآل الكارثي الذي وصلت إليه، وبالتالي للدفع بعجلة التنمية والتطور قدماً، وفي سبيل ذلك يصبح إصلاح وتحديث الأوضاع الإدارية ومعالجة الإخفاقات والسلبيات التي تعاني منها ضمن المعالجات العامة للأوضاع الاقتصادية والأمنية والاجتماعية وفي مقدمة ذلك الأوضاع السياسية التي من شأن صلاحها صلاح كل الأوضاع العامة بمختلف جوانبها، ولابد من العمل بكل الصدق والإخلاص لتوجيه كل الطاقات والإمكانات المتاحة لتحقيق كل التطلعات والأماني الوطنية التي تتطلب أولاً وضع برنامج عمل للحد من الفساد المالي والإداري الذي ظل ولازال ينخر في جسد الدولة ويعيق تحقيق الأهداف المنشودة للنهوض الحضاري الشامل، ووضع الأسس الراسخة والكفيلة بتوجيه مسيرة العمل الوطني بكامل قواها وطاقاتها صوب الآفاق الرحبة للمستقبل المشرق الذي تتطلع إليه كل شرائح وفئات المجتمع اليمني، وبالذات الشريحة التي تمثل الغالبية العظمى من أبناء اليمن التي أنهكتها الصراعات العبثية الجارية في الوطن والتي قضت على الأخضر واليابس وتسببت في عودة اليمن إلى الوراء عقوداً من التخلف والوهن والضعف.

نقلا عن “الرياض”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً