إدارة الموت
محمد يوسف
الغرب في هذه الأيام لا يتحدث عن جماعات الإرهاب بقدر ما يتحدث عن خريطة جديدة للمنطقة.
لا يهمهم الموت تحت أنقاض المدن المدمرة، ولا تقلقهم الجثث التي يلفظها البحر الأبيض، ولا تحزنهم نظرات أطفال المخيمات، إنهم منشغلون بوضع علامات للحدود الجديدة، يريدون تجاوز »سايكس بيكو« ويعيدون اقتسام الكعكة الكبيرة، ليعودوا بالتاريخ إلى الوراء، كل إمبراطور يأخذ قطعة من أرض الميعاد، أو كما كانوا يقولون أيام حملاتهـــم القديمة: يقتطع مملكة من ممالك الجنة.
هي نظرية المؤامرة، نعم؛ فالذي نراه ليس تداعيات خلافات حول أساليب الحكم في البلاد العربية، وليس صراعاً حول فكر أو معتقد، وليس محاولة لفرض إرادة طرف على طرف آخر؛ هي تسلسل ممنهج خطط له جيداً، حتى تدخلاتهم ليست سوى أدوار تؤدى في أوقاتها.
أكثر من عشرة جيوش تقاتل في سوريا، والشعب السوري هو الضحية في كل المناسبات، ومع ذلك يقولون إنهم لن يتدخلوا برياً، إنهم يكذبون، فهم في كل مكان، ومتى أرادوا اصطياد أحد اصطادوه في لحظة، عبر متفجرة أو لغم أرضي أو طائرة دون طيار. روسيا ليست موجودة في سوريا رغماً عن الأمريكان، والفرق الإنجليزية الخاصة لا تقاتل مع الجن في أطراف بعض المدن، وحزب نصر الله يتحرك بكل حرية، وطائرات »نتانياهو« تقصف ما شاءت ومتى أرادت.
إنها مؤامرة دولية يتشارك فيها الجميع، تجار السياسة والنفوذ، وتجار المخدرات والسلاح، وتجار الرقيق الأبيض وأصحاب الملاهي؛ فهذه المآسي التي ترونها تدر المليارات، إنها تجارة مربحة، خيوطها متجمعة في أيد لا ترى، ولكنها تتحرك كما يحلو لها، ومع كل حركة تكسب أرقاماً تضاف إلى حساباتها، ونفوذاً يزيد من هيمنتها، وتسكب دماً في طريق أطماعها.
كتاب ومحللون وقادة جيوش ورجال أمن سابقون يتحدثون عن حدود ودول جديدة في المنطقة، ونحن مازلنا نتساءل عن الذين يديرون الموت المنتشر بيننا!!
نقلا عن “البيان”