اراء و أفكـار

ورقة التين

أعلنت منظمة «بتسيلم» وهي منظمة «إسرائيلية» لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة تعمل منذ عقود ثلاثة، أنها توقفت عن أن تكون ورقة تين للسلطات «الإسرائيلية»، وذلك بالكف عن التعاون مع الجهات القضائية العسكرية. لماذا أقدمت هذه المنظمة المعروفة على هذه الخطوة؟ تجيب مديرتها التنفيذية هجاي آلعاد بأن المنظمة «لا تريد مساعدة النظام القضائي العسكري في الكيان المحتل» على تمويه التحقيقات «أو أن تكون» ورقة تين «تغطي أنشطتها.
منذ بداية عمل هذه المنظمة كانت تفترض أن نظام القضاء العسكري في الكيان الصهيوني يمكن اللجوء إليه لتحقيق نوع من العدالة لمن تنتهك حقوقهم الإنسانية. قد تكون هذه الفرضية بريئة من قبل المسؤولين عن المنظمة خلال مسيرة عملها من حيث كونهم صدقوا أن الكيان واحة الديمقراطية، وبالتالي فإن مؤسساته تعكس على الأقل هذا التصور عنه.
إذا كان هذا صحيحاً فقد وقعوا في خطأ جسيم عندما خلطوا ما بين سياسة الكيان تجاه من يعتبرهم مواطنيه، وبين من وقعوا تحت سلطة احتلاله ويعتبرهم أعداءً لا مفر من التخلص منهم. أليس من السذاجة تصور أن الاحتلال الذي دمر القرى والبلدات الفلسطينية، والذي قام بمذابح ضد المدنيين الفلسطينيين بأوامر رسمية يمكن أن يكون عادلاً في محاكمة مرتكبي من ينفذون مثل هذه الجرائم والانتهاكات؟
على مدى عقود ثلاثة كانت هذه المنظمة تلجأ إلى السلطات القضائية العسكرية «الإسرائيلية» وتحيل إليها القضايا التي كانت تعتقد أن فيها انتهاكات لحقوق الإنسان. وعلى مدى هذه الفترة كانت تلك السلطات تهمل تلك القضايا بحيث شكلت القضايا المهملة 75% من القضايا التي قدمتها إليها المنظمة، أو أنها كانت تقوم بتحقيقات زائفة لا تطال صانع القرار أو من كان سبباً في تنفيذه. بل أنها كانت تحقق فقط مع الأشخاص من ذوي الرتب المتدنية.
باختصار، فإن السلطات القضائية «الإسرائيلية» «لم» تحقق أبداً في الأوامر، وإنما في الانتهاكات المزعومة للأوامر. أي أن التحقيقات كانت تطال من يذهب أبعد من تنفيذ الأوامر.
وفي الوضع الحالي داخل الكيان الصهيوني الذي تحكمه مجموعة من المتطرفين الفاشيين يصبح وضع هذه المنظمة حرجاً. فكيف بها أن تستمر في التعاون مع جهات قضائية عسكرية في كيان يتظاهر فيه وزير الحرب الجديد ليبرمان تضامناً مع الجندي الذي أنهى حياة جريح فلسطيني ملقى على قارعة الطريق بعدة رصاصات على رأسه؟ كيف يمكن لأي عاقل أن يتصور أن مثل هكذا قضاء يمكن أن يحقق أي عدالة.

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً