اراء و أفكـار

الرقة تستفز جنيف

أيمن الحماد

معركة الرقّة معقل تنظيم «داعش» الإرهابي لم تدخل مرحلة الذروة بعد، وإقحام الأكراد وقوات سورية الديموقراطية التي تعد «وحدات حماية الشعب» عمودها الفقري في مهمة تحرير المدينة سيُعلي من قيمة هذا الفصيل الكردي الذي تصفه أنقرة بالإرهابي، وترفض حتى مجرد اقترابه من مكان انعقاد مفاوضات الحل في سورية، ويهدد إردوغان بالانسحاب من المفاوضات إن شارك هذا الفصيل من بعيد في ترتيبات مستقبل سورية.

واليوم ونحن بصدد التحام يقدم فيه الأكراد ثمن وجودهم على الخارطة؛ ماذا يمكن أن يجلب هذا التدخل على مفاوضات الأزمة السورية المترنحة في أساسها؟ صحيح أن أوباما يريد تحقيق إنجاز بالقضاء على التنظيم الإرهابي داعماً لتاريخه الشخصي في نهاية ولايته الأخيرة، ومعززاً موقع مرشحة الحزب الديموقراطي هيلاري كلينتون أمام ظاهرة «ترامب» الجارفة، لكن إشراك «وحدات حماية الشعب» ترى إدارة الرئيس الأميركي أنه بمثابة أمر واقع على تركيا تقبّله، وأن هذا الواقع يتعزز بقدرة تلك القوات طرد «داعش» من معقله وبالتالي شرعنة وجودهم في المفاوضات؛ خصوصاً أنه وحسب تصريحات أدلت بها الخارجية الأميركية تنفي أن تكون وحدات حماية الشعب جزء من حزب العمالي الكردستاني، وهذا يصب في مصلحة موسكو التي تنادي بإشراكهم أيضاً، فواشنطن تراهن على الأكراد بشكل عام كمقاتلين، وتراهم أكثر تنظيماً وولاءً من نظرائهم في سورية والعراق، وكان وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر قد انتقد منتصف العام الفائت «غياب إرادة القتال» لدى الجيش العراقي، ولا ترى إدارة أوباما أن بإمكانها الاعتماد على المعارضة السورية المقاتلة هناك، وهي مرتابة في مقاصدها ولم تستطع رمي ثقلها خلف أي فصيل وتمتنع عن تزويدهم بالسلاح، حتى عندما تبنت برنامجاً لتدريبهم كانت النتائج مخيّبة للآمال، إذ فشلت واشنطن في استقطابهم، إضافة إلى ذلك لا يبدو أن البيت الأبيض يريد جعل أي من فصائل المعارضة السورية المعتدلة المعتبرة ذات وزن على طاولة المفاوضات وألا يظهر أحد منها بصفته قاهراً لتنظيم «داعش»، بل تريد إبقاءها في إطار ترى أنه يخدم استراتيجيتها.

تدرك واشنطن أنها بمساندتها الأكراد في سورية تثير حنق أنقرة، وتستفز غضب إردوغان، لكن الأولوية لدى أوباما هي القضاء على التنظيم في معقله، أما الأزمة السورية فالقناعة لدى البيت الأبيض هي مع ترحيل الجزء الأكبر من هذه الأزمة إلى الإدارة المقبلة، وحتى ذلك الحين يبدو أن تسجيل أهداف سياسية خاطفة أكثر ضمانة وجدوى من دهاليز جنيف..

نقلا عن “الرياض”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً