اراء و أفكـار

طبخة لم تنضج

اتضح بعد اجتماع مجموعة الدول الداعمة لسوريا في فيينا يوم أمس الأول برئاسة الولايات المتحدة وروسيا، أن الحل السياسي في سوريا لم ينضج بعد، وأن هناك فجوات في مواقف الأطراف المتصارعة الداخلية والإقليمية والدولية لا بد من ردمها قبل معاودة إطلاق المفاوضات في جنيف، حيث تجنّب بسببها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا تحديد موعد استئنافها.
لا شك أن هناك هوة لا تزال قائمة حول تثبيت الهدنة وتحويلها إلى وقف دائم لإطلاق النار وحول المجموعات المسلحة التي من المفترض المشاركة فيها، إضافة إلى المشكلة المتعلقة باستمرار تدفّق المسلحين والأسلحة عبر الحدود التركية، إذ يبدو أن هناك صعوبة في إقناع أنقرة بالتخلي عن سياستها في دعم بعض المجموعات المسلّحة التي تعمل لحسابها (ضد النظام وضد الأكراد) وتوظّفها في الحرب على الأرض السورية كي يكون لها حصة عندما يحين موسم التسوية.
إضافة إلى هذه التعقيدات، هناك أيضا المسألة المتعلقة بالمرحلة الانتقالية ودور الرئيس السوري فيها، وهي لم تحسم بعد. وعلى الرغم من أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري انتقد النظام السوري بعنف إلا أنه تجنّب التطرق إلى مصير الرئيس الأسد، لكن هذا لا يعني أن الصفحة طويت، فهناك بعض الأطراف الدولية والإقليمية لا تزال ترى في بقاء الأسد عقبة في طريق التسوية، وهي لم تتراجع عن هذا الموقف وتربط رحيله باستمرار دعم المجموعات المسلحة المعارضة.
في المؤتمر الصحفي المشترك لوزيري الخارجية الأمريكي والروسي بعد اجتماع فيينا ظهر خلاف واضح بين الطرفين حول وسائل تثبيت الهدنة ، ودور بلديهما في التأثير في الأطراف المنخرطة في الصراع على الأرض السورية، ويبدو أن هناك حدوداً لهذا التأثير وعدم القدرة على تحقيق الوعود التي التزم بها كل من جانبه على الأطراف التي يدعمها.
واضح أن قول الجميع بأن لا حل عسكرياً للأزمة السورية، وأنه لا بد من تسوية سياسية لا يعني التسليم المطلق بذلك. فالأطراف المعنية، النظام والمعارضة والقوى الداعمة، لن تسلّم بكل أوراقها ما دامت تعتقد أن الحرب لم تستنزف بعد كل إمكاناتها ، وأنها ما زالت قادرة على اللعب بأوراق أخرى يمكن أن تؤمّن لها مكاسب غير متوافرة حتى الآن.. حتى ولو كان ذلك يقتضي المزيد من الدم والدمار الذي يدفعه الشعب السوري وحده.
طبخة الحل لم تنضج بعد، وتحتاج إلى مزيد من الوقود والنار.

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً