اراء و أفكـار

ليبيا قضية عربية

الاجتماع الوزاري حول ليبيا الذي التأم أمس في فيينا بمشاركة 21 دولة لدعم حكومة فايز السراج وبحث سبل مواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي هو استكمال لمؤتمر روما الذي عقد يوم 13 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وبعد اعتماد قرار مجلس الأمن رقم 2259.
اللافت أن الاجتماع ينعقد برعاية إيطاليا والولايات المتحدة، والحضور العربي هو حضور مماثل لدول أخرى معنية بشكل أو بآخر بالشأن الليبي، إما لقربها من خط الزلزال الليبي أو لانعكاس الوضع الليبي عليها من حيث مخاطر الإرهاب أو تداعياته الخاصة باللاجئين.
بهذا المعنى فإن الحضور العربي هو حضور خجول ولا يرتقي إلى الدور المفترض عربياً إزاء الأزمة الليبية ومخاطرها. فالأزمة في هذا البلد عربية، لأنه بلد عربي أولاً وما يجري فيه وحوله يهم كل العرب ويهددهم جميعاً، وتنظيم «داعش» وغيره من منظمات الإرهاب، هي نتاج منطقتنا وإن كانت بشكل أو بآخر من ترتيب وتدبير أجهزة وقوى تستهدف منطقتنا وتدميرها وتفتيتها.
لهذا ، فالمشاركة العربية في مؤتمر فيينا لا ترتقي إلى حجم مسؤولية الدول العربية، في أن تكون هي وليس غيرها صاحبة اليد الطولى في تقرير مصير ومستقبل هذا البلد العربي، لأن ترك الآخرين يديرون ويدبرون ويحددون مآلات مستقبل ليبيا يشكل علامة ضعف في العمل العربي المشترك في أن يكون وحده ومن دون غيره صاحب الكلمة الفصل في التقرير والعمل، وأن يكون دور الآخرين مساعداً إن أرادوا.. لا أن يترك الحبل لهم على الغارب يتخذون القرارات وفق مصالحهم التي تتناقض مع مصالح الشعب الليبي ومصالح الأمة العربية، خصوصاً أن ما فعلوه بليبيا في بداية أزمتها بعد أن تركوها خراباً يرتع فيها الإرهاب وأمراء الحرب لا يبعث على الارتياح، بل يدعو إلى الريبة والشك في كل ما يخططون له ويفعلونه.
بما أن الأزمة الليبية مسؤولية عربية أولا وأخيراً فمن المفترض أن يكون الدور العربي في حلها أساسياً وليس هامشياً، لأن المثل يقول «ما حك جلدك مثل ظفرك»، لأن الآخرين لن يكونوا حريصين على ليبيا أو غيرها من ديار العرب مثل حرص العرب أنفسهم، إلا إذا كان العرب قد تخلوا عن أنفسهم وتركوا للآخرين أن يتلاعبوا بقضاياهم بما يتوافق مع مصالحهم كما هو حاصل الآن في سوريا والعراق وفلسطين.
متى يدرك العرب أن ما هو حاصل على أرضهم ليست الدول الغربية بعيدة عنه، وهو نتاج هذه المؤامرات الممتدة من «سايكس- بيكو» إلى «وعد بلفور».. إلى «الفوضي الخلاقة»؟

نقلاً عن “الخليج”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً