اراء و أفكـار

الإصلاح لمواجهة «داعش»

باسل محمد
في موضوع الحرب على تنظيم «داعش» الارهابي، يجب مراعاة قضيتين في الوضع الداخلي العراقي، الاولى أن تسير هذه الحرب كما هو مخطط لها بشكل تصاعدي لتحرير بقية المدن من سيطرة الارهابيين وأن لا تؤثر الأزمة السياسية الراهنة في سير العمليات العسكرية ضد التنظيم. والقضية الثانية، هي أن تكون هذه الحرب على الارهاب بكل تحدياتها ومخاوفها دافعاً للسياسيين لكي يقدموا تنازلات مهمة لصالح الاصلاحات ومحاربة الفساد في البلاد، لأن الاصلاح يوفر الطاقات والموارد ويكسب شرائح واسعة من العراقيين لصالح السلم الأهلي.
في العمق، تعني الاصلاحات، توحيد العراقيين بكل مكوناتهم لدعم الدولة في التصدي للارهابيين لأن الاستقامة في السياسة تقوي الجبهة الداخلية وعلاقة الناس بالحكومة وهذا ضروري للانتصار على الارهاب عسكرياً واجتماعيا في مرحلة ما بعد» داعش» في المدن المحررة.
الشيء الجميل هو أن تصاعد الأزمة السياسية في الأيام القليلة الماضية قابله تصاعد في عزيمة القوات المسلحة العراقية في جبهات القتال ضد «داعش» في مدينة الفلوجة وفي الطريق من حديثة الى البغدادي وفي كركوك والموصل.
من الخطأ أن يظن البعض بأن الحرب على الفساد والسعي الى الاصلاحات يضعفان الحرب على «داعش» لأن هذا معناه ببساطة شديدة بأن هناك من يستغل المعركة مع الارهابيين لمواصلة الفساد وحمايته وديمومته ولذلك ربما يعتقد البعض من السياسيين، بأن المعركة مع الفساد ليست أولوية وبالتالي يجب تأجيلها لضمان التفرغ التام للدولة لصالح المعركة العسكرية ضد «داعش» وهو سلوك سياسي غير أخلاقي وغير وطني بأن يستغل الارهاب للتغاضي عن الفساد.
أكثر وأخطر من الاعتقاد السابق، هو ان البعض من السياسيين ربما يؤمن بأنه يمكن التغلب على «داعش «مع وجود الفساد في العراق وهذا الطرح له تفسير واحد مقيت وهو أن الانتصار العسكري على» داعش «ربما يتحقق بدعم التحالف الدولي والدول الأخرى الحليفة للعراق دون الحاجة للاصلاحات والدخول في أزمة سياسية من اجلها، بمعنى ان أصحاب هذا التوجه يريدون أن يتحقق الانتصار على الارهاب في ظل الفساد، وبالتالي تكون ثمرة من ثمرات هذا الانتصارهو توسع نفوذ الفساد وانكفاء تام للاصلاحات حتى في مرحلة ما بعد طرد «داعش» من العراق بصورة نهائية.
بشفافية، نقول ان الرافضين للاصلاحات بذريعة الحرص على تركيز الأوضاع على الحرب على «داعش»، لن يكونوا متحمسين للاصلاح في حال هزيمة داعش عسكرياً ولن يقدموا تنازلات ولن يفكروا على الاطلاق بأي اصلاح ومواجهة للفساد لأنهم سيكونون في موقف سياسي قوي يجعلهم ينكرون وجود الفساد وسيقولون للرأي العام العراقي بجرأة بأن السياسيين الذين تتهمونهم بالفساد هم من انتصروا على الارهاب.
بنظرة منهجية غير سياسية، يتميز السياسيون الرافضون للاصلاح بذريعة الحرب على الارهاب بأنهم لا يفكرون بعمق وبعد نظر كعادتهم، لأن الفساد كان ولا يزال ملهم الفكر الارهابي المتطرف وبالتالي فإن الانتصار العسكري على «داعش» أمر محتم بتضحيات القوات المسلحة ودعم المجتمع الدولي وهو انتصار على الأرض ولكن هناك انتصاراً آخر على الارهاب وهو الانتصار على فكر الارهاب وهذا يتحقق بإصلاح السياسات ومؤسسات الدولة وباستقامة رجال السياسة والسلطة.

نقلا عن “الصباح”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً