اراء و أفكـار

الشراكات القوية

 

عا بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة إلى شراكات قوية بين كل الجهات وعلى كافة المستويات من أجل مواجهة تحديات تغير المناخ. هذا كل ما يستطيع الأمين العام للأمم المتحدة فعله حقاً. فهو أصلاً لا يملك أي صلاحيات قانونية لكي يؤثر بشكل حقيقي على فعل شيء لمواجهة التحديات التي تؤرق العالم. والأمم المتحدة لم تعد تملك حتى القليل من التأثير المعنوي على الدول، ولا على الرأي العام العالمي. فقد أخفقت عبر سنوات العقود الماضية في أن توفر لنفسها سلطة معنوية مستقلة. فما كانت تتحرك في القضايا الكبرى إلا بعد أن تغمز لها القوى الكبرى بالتحرك.
بل وصل الحال بها خصوصاً بعد انتهاء الحرب الباردة أن أمينها العام لا يستطيع أن يجهر بالتقارير الدولية إن لم يكن هذا مرغوباً به من الدول الكبرى. ولعل تجربة بطرس غالي كافية لبيان إلى أين صار دور الأمناء العامين للأمم المتحدة.
وما قاله كي مون يمثل تعبيراً دقيقاً عن هذه الحالة. فهو قد التف على الحقيقة الناصعة بأن الدول الكبرى لا تتعاون في ما بينها لمواجهة تحديات المناخ، كما أن الشركات الكبرى إن لم تعطل الخطوات الجدية في ميدان المواجهة فهي لن تفعل شيئاً يهدد أرباحها. هذه هي الحقائق التي لا تملك سلطة لتغييرها، وليست لديها الشجاعة لقولها حتى في اللحظات الأخيرة لفترة ولاية كي مون. الدعوة إلى المشاركة بين خليط من الجهات العامة والخاصة لمواجهة تحديات المناخ مسألة لا يسعفها المنطق. فالجهات الخاصة مثلاً ليست جمعيات خيرية حتى تتنازل طواعية عن أرباحها من أجل المساهمة في مكافحة التغير المناخي.
وإن مس البعض منها حرارة الحماس للكرة الأرضية ولم يمس البقية فهي ستكون الخاسرة في ميدان المنافسة الدولية. ولذلك، فهي ستتخلى عن حماستها خوفاً على مصالحها. الذي يجمع هذه الشركات على فعل شيء معين ليس الوعظ والتخويف المعنوي، وإنما القوانين الرادعة التي تكون ملزمة لكل البلدان ومنها شركاتها الخاصة. وهذه أمرها ليس صعباً فحسب وإنما في بعض الحالات قد يكون مستحيلاً. فإذا كان المسؤولون في بعض البلدان الكبرى يأتون إلى السلطة بأموال هذه الشركات فكيف بإمكانهم أن يبادروا بشيء لا ترضى عنه.
الأمر الآخر، أن البلدان الكبرى نفسها تتحايل في موضوع مواجهة التحدي المناخي بأساليب مختلفة، إما بجعل الخطوات المطلوبة غير ملزمة، أو بمحاولة نقل العبء إلى البلدان الأخرى وخاصة الضعيفة والفقيرة منها. فالبلدان التي تفتقد إلى مفهوم الشراكة لن تطبقه في شركاتها.

 

نقلا عن الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً