اراء و أفكـار

اقتل عربيا… تصبح إيرانيا ؟!

داود البصري

الإحتلال والتورط العسكري الإيراني في سورية، قد تشعب دوره، وترسخت أركانه، وأضحت المعركة الإيرانية هناك قضية حياة أو موت لنظام فاشي مغامر يقوده الملالي نحو الجحيم والهزيمة الكاملة، النظام الإيراني كما هو معلوم قدم خسائرا بشرية كثيرة جدا معظمها كان من صفوف الباسيج والمتطوعين وعناصر حرس الثورة!، فالجنائز والنعوش الإيرانية المنقولة برا عبر العراق أو جوا قد أثارت الهلع والرعب في صفوف الإيرانيين الذين تجددت أمامهم ذكريات وأيام الحرب العراقية-الإيرانية ومآسيها، واليوم يكرر النظام الإيراني أخطاؤه القاتلة، ويتورط في نزاع دموي شرس له تبعات إقليمية خطيرة جدا بعضها متعلق بمصير النظام الإيراني ذاته!، لقد تحولت الأرض السورية لمحرقة حقيقية للجهد العسكري والبشري والإقتصادي الإيراني، الذي لم يكتف بإرسال عناصره في الحرس والجيش فقط، بل إعتمد إعتمادا جما على حلفائه في الشرق وفي طليعتهم إحتياطيه المضمون والمضموم «حزب الله» اللبناني الذي هو مجرد بندقية إيرانية للإيجار وخاضع لأوامر ونواهي ولي إيران الفقيه!، وكذلك العصابات الإرهابية الطائفية العراقية المعروفة يضاف لتلكم الحثالات كوكتيل متنوع من عصابات باكستان وأفغانستان في معركة دولية حقيقية قائمة اليوم في سورية، وطبعا دخول رئيس الأركان الإيراني حسن فيرزآبادي على الخط وإتخاذ سورية لمركز ستراتيجي للعمليات الحربية الإيرانية قد جعل النظام الإيراني يلجأ لإجراءات بعيدة جدا لضمان تدفق المدد البشري اللازم لإستمرار العمليات بفاعلية، والحرب الإيرانية في سورية تعرضت لإنتكاسة واضحة بعد تزايد الخسائر البشرية من المتطوعين أو عناصر الميليشيات، وهو الأمر الذي دفع النظام الإيراني لتغيير منظومته القانونية والتشريعية بهدف تطويق ذلك النقص البشري، فأخيراً أصدر مجلس الشورى الإيراني قرارا ينص على تجنيس عوائل القتلى من المتطوعين الأجانب في مجاميع «الباسيج» الإيرانيين وإعتبارهم مواطنين إيرانيين!، وطبعا هذا الإجراء سيشمل تحديدا مئات الآلأف من الشباب الأفغاني الذين يعانون في إيران معاناة عنصرية رهيبة، فاللاجئون الأفغان في إيران ممنوعين منعا باتا من مغادرة مخيماتهم أو مناطق إيوائهم!، ومحظور عليهم بالكامل التنقل بين المدن الإيرانية؟، وممنوع عليهم العمل أيضا، وهو إجراء مشابه تماما لإجراءات حكومة الرئيس خاتمي زمن وزارة عبد الواحد موسوي لاري لوزارة الداخلية وحيث تم منع اللاجئين العراقيين في إيران وقتها (1998) من العمل والتعليم والزواج وكل نشاط حياتي مما أدى لهجرة الآلاف منهم هربا عن طريق البحر لأستراليا ودول أخرى!، اليوم وبعد تعاظم الخسائر البشرية الإيرانية يبدو أن عنصرية القوانين الإيرانية سيتم تطويعها موقتا لتتناسب مع إحتياجيات النظام الإيراني العدوانية، فالجيوش الإيرانية والعصابات الطائفية المرتبطة بها لاتقاتل في «إسرائيل» ولا في أراضي عدو مفترض ممن تهدر الشعارات الإيرانية بإسمائهم، بل في عمق الأراضي العربية وفي قلب الشرق القديم وفي عواصم العرب التاريخية، بغداد ودمشق… أما القدس فهي مجرد شعار تمويهي يرفعه الإيرانيون وهم يمارسون كل صنوف الإرهاب التخريبي في المنطقة!، الإيرانيون يكرسون اليوم مبدأ علني يقول بشكل واضح: «أقتل عربيا سورية أو عراقيا.. تصبح إيرانيا»!
والعجيب إن النظام الإيراني يتصرف في سورية بحرية شبه مطلقة ويمارس إرهابا أسود في قتل الشعوب والتعدي على خياراتها، وتحويل الأرض العربية لأرض خراب يكون فيها قتل الإنسان العربي مجرد هواية عبثية لخدمة المصالح الإيرانية في العالم العربي التي توسعت كثيرا و بشكل كارثي وبما يخترق صيغة الأمن القومي العربي وفي ظل صمت شبه تام من بقية النظام السياسي العربي.
لقد بلغ الإستهتار الإيراني مداه الأوسع وتحول لتطويع القوانين التي باتت تكرم وتوفر الجنسية الإيرانية لمن يقتل عربيا في عمق الأرض العربية.. «أقتل عربيا… تصبح وتكون إيرانيا» تلك هي الفلسفة النهائية و الحصيلة التراكمية والجهادية لنظام الولي الإيراني الفقيه! إنها المسخرة الإقليمية الكبرى في زمن التردي العربي الشامل!

نقلاً عن “السياسة الكويتية”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً